كتب د.صالح السعدون
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
ما الذي يحصل في عامنا من تغييرات ملموسة وغير ملموسة ؟.
هل يدرك العرب الثوب الذي يطرز لهم بأقمشة وخيوط روسية أمريكية وروسية ؟
ما الذي حصل بسايكس بيكو2 السابقة؟
لدينا كم هائل من التغييرات التي بدأها الأمير بندر بن سلطان من قطر .قبل ثلاثة شهور أو اقل .
***
لمن لايعرفه , الأمير بندر بن سلطان عمل لعقدين من الزمان سفيرا للسعودية بواشنطن, تعرف على رموز المجتمع السياسي والإقتصادي الأمريكي , من بوش الأب والإبن إلى كلينتون وبيكر وكيسنجر , وإلى شخصيات مغمورة لاتخرج للعلن ولكنها هي التي تطرز النظام العالمي الجديد وتخلق توجهاته وأزماته السياسية والاقتصادية .
بنى الأمير بندر بن سلطان مملكته الخاصة به هناك في واشنطن ولنا أن نتخيل مدى عمق المصالح المالية والاقتصادية التي ربطت بين الأمير وزائريه , وكم استخدم من الهدايا وسواها كي يصبح صديقا موثوقا به من قبل معظم أطراف القوى السياسية النافذة في واشنطن سواء بالبيت الأبيض أو وزارة الخارجية أو البنتاجون أو الكونجرس أو القوى الخفية التي تدير السياسة الأمريكية والعالمية من وراء ستار .
***
بداية أنا أختلف مع سياسات الأمير بندر لأن دراساتي في الماجستير والدكتوراه جعلت من كل غربي صليبي أو صهيوني عدو لي , فأنا سعودي عربي مسلم أكره كل من دق مسمارا في نعش أمتنا العربية والإسلامية . ولكني لا أخفي إعجابي بقدرات الأمير رغم اختلافي معه في السياسة والتوجهات.
***
جمعت الاستخبارات السعودية كل ما حدث بين الاستخبارات القطرية والحكومة القطرية من اتصالات واجتماعات سرية ودعم مالي ومخططات لتأجيج الثورة فقط لأن حمد بن جاسم يعاني من حقد مزمن على السعودية باعتبارها قادرة على استعادة ملك والده الذي انقلب عليه أخوه آنذاك ولكن السعودية لم تفعل , وحين لجأ مع اسرته للحوطة بالسعودية مع آل مسند لم تعطيهم أكثر من دعم يكاد لايذكر .من هنا كان انتقام حمد بن قاسم آل ثاني على السعودية .
جمع رئيس الاستخبارات السعودية كل مالديه من معلومات وأدلة وتسجيلات واتجه قبل أسابيع للدوحة , ووضع كل شيء على الطاولة , وهدد ابن جاسم بشكل مباشر وقوي , بأنه إن لم يكفوا الحمدين أيديهم عن محاولات إثارة القلاقل وزعزعة الأمن بالسعودية فإن الأمير بندر قادر بإذن الله على أن ينفذ وعده لهم بأنهم لن يبقوا على كراسيهم .
سخر المغفل حمد بن جاسم من الأمير ونعته بوقاحة نعتاً أغضب الأمير , فقام منهيا الإجتماع وهو يشير إلى حمد بن جاسم وقال : والله إن لم تكفوا عن التدخل بشئون السعودية فإني بغشارة من إصبعي لن تبقوا على كراسيكم .
وانتهى الاجتماع وعاد الأمير للرياض .
***
وبالتأكيد كان الأمير قد وضع خطة اتصالاته بأساطين النظام الدولي الجديد ومن يؤثرون عليه .
ولعله استأذن الملك وولي عهده حفظهما الله بالعمل , ويجب أن نتصور أن الخطة ستحتاج إلى عدة مليارات من الدولارات لقلب الخطط وتغيير الموازين والأشخاص بحيث يتم تغييرا شاملا بالسياسة العالمية .
ليس لدي معلومات إن كان الأمير بندر قد احتاج للسفر لأمريكا أم اكتفى بالاتصالات , ولكني أجزم أن أمورا كبيرة كهذه لابد من اللقاءات الشخصية مع كل الدوائر المئثرة على القرار .
وأخيرا وافق النظام الدولي على تغيير جذري بالسياسات الربيعية العربية وقلب الطاولة واتخاذ سياسات جديدة .
فإيران لابد من أن تغير أشكال اليهودي أحمدي نجاد , ولابد أن يأتي رئيس متصالح مع المجتمع الدولي من جهة وملطفا العلاقات مع السعودية .
وحمد بن خليفة وحمد بن جاسم يجب أن يتم قلب الطاولة في وجههما واعتبارهما أشخاصا غير مرغوب بهما كسياسيين يلعبان أدوارا على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي .
وجاءت القرارات من واشنطن أنه قد انتهى دورهما وأن عليهما تسليم الحكم لتميم وموزة .
وهكذا خرج الإثنين بإشارة من أصبع الأمير بندر بن سلطان آل سعود .
وانتهى دور قطر إقليميا وعليها العودة للحضن الخليجي .
***
وفي بداية الأمر كان التغيير المنتظر هو أن ينتهي دور أردوغان كزعيمة للهلال الإخواني وتجريب أن تكون السعودية بقيادة وزير الخارجية السعودية ورئيس الاستخبارات السعودي الأمير بندر هو القائد للهلال الإخواني بدلا من تركيا , ولهذا تفجرت الأوضاع في تركيا وقامت التظاهرات المناهضة لأردوغان توطئة لسقوطه وإخراجه من اللعبة التركية والإقليمية والدولية , وقد بات واضحا منذ زيارته الأخيرة لواشطنطن أن دوره قد انتهى حين ألجم أوباما عدة مرات أردوغان أثناء المؤتمر الصحفي . ثم تفجرت التظاهرات وأعتقد أنه ساقط لامحالة والقضية قضية وقت .
ولكن حين فجر الأميرين المجتمع الدولي بزيارتهما لباريس وأجريا تغييرات جذرية في موقف أوباما والغرب , وقفت روسيا بعنف لامثيل له ضد الغرب وحتى ضد السعودية .
فمن جانب الغرب وأثناء مؤتمر الثمانية جرب الأمريكيون هجوما بالطائرات وهميا على سوريا من قبل الأردن , وقبل خروج الطائرات السورية لملاقاة الطائرات الأمريكية التقط الأمريكيون توجه طائرات ميج 35 الروسية من قاعدة روسيا بقبرص نحو سوريا لملاقاة الطائرات الأمريكية فهرولت الطائرات الأمريكية هاربة خارج المجال الجوي السوري .
وكان هذا التهديد الروسي إضافة إلى شدة هجوم بوتين بمؤتمر الثمانية اتضح لأوباما أنه سيعرض أمريكا والعالم للخطر إن بدا متهورا بنفس الدرجة التي يبدو فيها بوتين متهورا دفاعا عن مصالح روسيا من جهة وسوريا من جهة أخرى .
***
وإذ تراجع الغرب كان لابد من قرصة أذن روسية للسعودية فنشر خبرا في جريدة عن أن هناك خططا لضرب الرياض , ورغم أن هذا التهديد غير مباشر بل اعتبره البسطاء والجهلة أنه لاقيمة له , فقد اضطر لافروف أن يصرح ” أن السعودية دولة تدعم الإرهاب” , ومن هنا دخل بالخط من الجانب السوري رفعت الأسد ومن الجانب السعودي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد حفظه الله الذي اقتنع مؤخرا أن سياسات الملك عبدالله هي الأنجح على مستوى العالم العربي ومعارضة الإخوان الماسون والربيع والثورات , كيف لا وهو أمير التاريخ .
وفي زيارات مكوكية بين موسكو من جانب رفعت وإلى دمشق من جانب السعودية تم حصر الخلافات والبحث عن أرضية مشتركة للتفاهم .
***
من هنا جاء أمر الملك عبدالله حفظه الله باستغلال الأجواء الإيجابية في العالم فبوتين وروسيا تؤيد إسقاط الإخوان بمصر وتركيا وردهم في سوريا , بينما أوباما يصعب عليه التراجع فقامت مناقشات حادة بين الكونجرس ووزارة الخارجية والدفاع حول ضرورة تغيير موقف الرئيس أوباما الداعم للإخوان ,وصل حدا أن قدم بعض الجمهوريين مطالبة بعزل أوباما من الرئاسة باعتباره داعما للإسلام السياسي .
وهنا وجد أوباما أن روسيا والسعودية والمصريين والأمريكيين ضد الماسون الإخوان فخضع لثورة 30يونيو وعزل الماسوني مرسي العياط.
***
تغيرت مصر بجهد سعودي -إماراتي , فجاء الدعم السعودية الإماراتي الكويتي ليمنح مصر الجديدة 12 مليار دولار كي تجعل الشعب المصري يدعم النظام الجديد .ولكي تزيل آثار الخراب الإقتصادي والسياسي والاجتماعي الذي حفره الإخوان بعمق في البنية التحتية المصرية.
وفي الوقت الذي صمت أردوغان رعبا من سقوط مرسي وتوقعا أن الدور عليه في القريب كما سقط مرسي وابن جاسم , فإن الجيش السوري بدأ يستعيد الأرض التي فقدها ويتجه لانتصارات جديدة .
ولعل من الأهمية بمكان عزل أدوات الربيع العربي وأهمها محمد العربي أمين الجامعة العربية والإتيان بأمين عام جديد يؤمن بلا حدود بتطبيق معاهدة الدفاع العربي المشترك .
***
من هنا ركزوا معي ايها الأخوات والأخوة :
السعودية ومنذ زيارة الأمير بندر بن سلطان للدوحة ثم لأمريكا فيما أظن , تغير الشرق الأوسط ؛ سقطت قطر , ثم سقط أحمدي نجاد , ثم زلزل أردوغان , ثم سقط مرشد الحيوانات الإخواني محمد بديع ومرسي العياط , والدور على تونس وليبيا والإجهاز على أردوغان بتركيا ثم اقتلاع النبتة الخبيثة بالقاهرة المدعو محمد العربي مكتفيا بالهدايا المليونية التي حصل عليها كونه مجرد سكرتير لابن جاسم فيما مضى .
***
المقال القادم :
سايكس بيكو 2 أين ذهبت ؟
وما البديل ؟
د.صالح السعدون