بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
كتب د.صالح السعدون
تساءلنا أمس

جاء هولاكو من الشرق يقود جحافل المغول وقد وضع هدفه أمام عينيه وهو تغيير جذري للعلاقات الدولية والبشرية والاجتماعية , تغيير جذري للخريطة السياسية والجغرافيا التاريخية .
ما كان يحمل مشروع حضاري أو ديني , وإنما كانت فورة عسكرتارية ضربت الصين ومناطق روسيا وتركستان والبلدان الإسلامية مروراً ببغداد ووصولا لدمشق وأخيرا تحطمت عسكرية المغول عند عين جالوت بفلسطين قبيل وصولهم لمصر , فعادوا القهقرى.
***
ترى أي شبه بين فورة المغول وهولاكو في عام 656هـ وبين فورة الغرب الصليبي في ثورات الربيع العربية عام 2012م .
1- لقد كان السبب المعلن في رسائل هولاكو لزعماء المسلمين هو استئصال الفساد , ولكنه في الواقع كان يريد استئصال الأنفس والأرواح , فاستأصل في بغداد وحدها مليوني نفس بما فيهم الخليفة العباسي المستعصم كما استأصل الحضارة والعلم والمكتبات واستولى على خزائن الذهب فكان أكبر المفسدين.
2-كان حلفاء هولاكو من المسلمين الشيعة ضد الخلافة السنية , وعلى رأسهم بعض المقربين من الخليفة المستعصم بالله العباسي نصير الدين الطوسي , والعلقمي , بحيث أنهم قاموا بكثير من المؤامرات والخدع للخليفة الذي كان واثقاً بوساطاتهم ونصائحهم واستشاراتهم التي كانت في الغالب تؤدي إلى نتيجة واحدة هي القضاء المبرم والسريع على الخلافة العباسية .
3-كانت من ضمن تلك النصائح تقليص عدد الجيش في الوقت الذي كان هولاكو يزحف نحو بغداد لاحتلالها .
4-كان هولاكو يجتاح الأمة الإسلامية والعربية التي كانت مستهدفة من قبله وحدها دون غيرها من الأمم , وقد تمكن من تغيير عسكري لكل الأنظمة التي مر بها كمملكة خوارزم شاه ومرورا بأفغانستان وإيران والعراق والشام , وكان يخير الأنظمة بين العبودية الكاملة له كإستسلام كامل , وبين القتل , حيث قتل العديد من الأمراء والملوك المسلمين , وصولا للخليفة العباسي نفسه.
5-استمر بالنجاح من حدود الصين ومنغوليا حتى فلسطين حيث تكسرت موجة مده عند عين جالوت على يد القائد قطز رحمه الله والظاهر بيبرس, فكفا الله المسلمين تلك الفورة فانجلى الخطر المغولي خلال عشر سنوات نهائياً عن بلاد المسلمين بل وأسلم مغول روسيا وتركستان وتحالفوا مع المسلمين ضد إخوتهم مغول أواسط آسيا من اتباع هولاكو , وخلال عشر سنوات أخرج نفوذهم من العراق وإيران, بل وتعلم المغول العربية ونقلوا الأحرف العربية حيث ظل المغول يكتبون بالحرف العربي حتى قبل عشرين سنة حين زودتهم اليونسكو بالأموال في سبيل تغيير الحرف العربي بالحرف اللاتيني , كما أن معظمهم أسلم واندمج في الدين الإسلامي وفي الحياة الإسلامية .
6- بيد أن هولاكو تمكن من تغيير النظام العالمي السياسي في المشرق كله بحيث قضى على الخلفاء وبيوت الملك , وجاء دور العبيد والمماليك , فحكم الأتراك المستعبدون كمماليك العالم , وانقلب الوضع فبعد سلالات الملوك من الأشراف العباسيين وآل محمد أصبحوا غلمان جورجيا أولئك العبيد المستعبدون هم أسياد العالم , لقد قلب هولاكو النظام العالمي بيد أن قدرته على التغيير لم تستطع أن تدخل إلى قارة أفريقيا وانحصرت على المشرق العربي.
***
أما في عام 2010 م/1432هـ
فقد جاءنا المد الماسوني الصليبي بثورات الصهيو-إخوانجية ويسمونها ثورات الربيع العربي وبمقارنتها بثورة هولاكو نقول:
1)لقد أعلنت الثورات الصهيو-إخوانجية أنها تطالب بالحرية واستئصال الفساد ومحاكمة المفسدين .ولكنها استأصلت الأرواح في ليبيا وسوريا كما دمرت المدن والحضارة وسرقت الأرصدة والبترول.
2- قامت ثورات هولاكو الغرب ساركوزي بقتل القذافي بنفس البشاعة التي قتل بها هولاكو الخليفة المستعصم العباسي .وطاردوا رؤساء دول كزين العابدين وسجنوا وحاكموا حسني مبارك , ويتعاملون بقسوة منقطعة النظير مع زعماء العالم العربي كي يستسلموا لإرادة الغرب الصليبي وغسرائيل والإخوان الماسون.كما أن الحكم العربي سيسلم لأناس مجهولي النسب والهوية , فكما أن جمال الدين الأفغاني أو الأسد ابادي شيعي هندي ماسوني , وكما أن حسن البنا الساعاتي يهودي مغربي , فإن معظم الإخوان الماسون السعوديون والعرب ربما إما مجهولي الهوية أو أنهم من غير الأصول العربية , أو أنهم ناقمون على العصبية القبلية والنظام القبلي بجزيرة العرب .ولذا فهم يهدفون بالدرجة الأولى إلى الاستئثار دون العرب بالسلطة والمال .وليت د.سلامه العتيبي وفقه الله يركز على هذه القضية فإنه (ولدى جهينة الخبر اليقين) .
3) ثبت بما لايدع مجالا للشك أن الغرب قد اعتمد على قوات عسكرية لإشعال الثورات كمنظمة بلاك ووتر وحزب الله اللبناني ومليشيا الإخوان الماسون ومليشيات القاعدة وخاصة في ليبيا وسوريا بينما اقتصر دورهم في تونس ومصر على الهجوم على السجون وتحرير السجناء وتسليحهم ومن ثم قتل المتظاهرين لرمي التهمة على قوات الأمن.
4)بدأ المد الثوري للربيع الصهيو إخوانجي من تونس أي من الغرب مروراً بمصر وليبيا فعودة للمغرب حيث استسلم النظام طواعية كما فعل بعض الأمراء مع ثورة هولاكو واجتياحه للمشرق , ولم يتبق إلا الجزائر , ومن ثم انتقلوا نحو سوريا حيث بدأت موجة المد الثوري للصليب والإخوان الماسون تتكسر على شواطيء اللاذقية وطرطوس وحلب وحمص , ولا ندري إن كان جيش سوريا سيقوم بنفس الدور الذي قام به جيش المماليك بمصر في عهد هولاكو ويكسر الثورات الربيعية ويهزمها ويوقف مدها بشكل نهائي , أم أن الثورات ستستمر وستنكسر في جزيرة العرب فتعود الثورات مدحورة ويعود الإخوان الماسون مطاردون بالصحاري بين قتل وتشريد تماماً كما حصل لجنود هولاكو في عام 658هـ .
5) وجه شبه أخير فكما أيد الصليبيون هولاكو وطلبوا التحالف معه ضد المسلمين والعرب للقضاء عليهم , فنجد أن إيران في ثورات 2012 تتحالف مع الثورات الصهيو-إخوانجية والغرب وإسرائيل وقد أعلنت أنها قاتلت بقوات عسكرية ليلة سقوط طرابلس الغرب مع الصليبيون والحلف الأطلسي والقاعدة وحزب الله , إننا أمام صورتين متناظرتين بن موجة شرقية مغولية , وبين موجة غربية صليبية ماسونية إخوانجية .
البدايات متشابهة فهل تتشابه النهايات ؟ أعتقد ذلك .
السيناريوهات مع اختلافها بالتفاصيل متوازية في الخطوط العريضة , فهل ستنتهي بالتغيير دون تحقيق الأهداف كسالفتها الهولاكية. أعتقد لك .
في اعتقادي مالم يتغير الموقف الروسي فإن مصير الثورات الصهيوإخوانجية سيتحطم على الصخور السورية أو ربما في نهاية المطاف في صحاري وسهوب جزيرة العرب .
الله أعلم .
د.صالح السعدون