الانتفاضة التونسية .. قراءة جديدة 3/7


الانتفاضة التونسية .. قراءة جديدة 3/7

كتب د.صالح السعدون :
الثورة الإنجليزية :
وهكذا بدأ التجار بالعصيان حيث رفضوا في عام 1628م /1049هـ سواء كانوا تجار لندن وكذلك كبريات المدن الأخرى دفع الضرائب التي فرضها الملك تشارلز الأول , وتطور النـزاع القانوني مع البرلمان حول صلاحيات البرلمان والملك إلى حله من قبل الملك تشارلز الأول لأكثر من إحدى عشرة سنة .
الصورة للثائر الإنجليزي على الملكية ومحرر اليهود كرومويل

الانتفاضة التونسية .. قراءة جديدة 3/7

كتب د.صالح السعدون
الحلقة الثالثة : 3/7

الثورة الإنجليزية :
في عام 800 م انتقلت حكومة الحاخامات اليهودية إلى الأندلس مستظلة بحكم المسلمين العادل هناك , وظلوا هكذا حتى بدأت الحرب الصليبية الإسبانية ضد المسلمين حيث بدأوا يزودون الأسبان بالأموال وفق عمليات ربوية كبرى , وحين تمكن الأسبان من طرد العرب من مملكة غرناطة قاموا بممارسة تنصير المسلمين واليهود فيما سمي بمحاكم التفتيش , فاضطرت الحكومة اليهودية الخفية أن ترحل نحو بولندا في عام 1500م , حيث ظلوا يحكمون بولندا تحت حكم الملكية البولندية وبالتفاهم معها , حتى تمكنت إمبراطورة روسيا كاترين الثانية احتلال بولندا عام 1772م فقامت بمعاقبة يعاقبة وارسو ( أي يهود بولندا ووارسو هي عاصمة بولندا ) أوالحكومة اليهودية الخفية وأسقطتها ؛ حيث يقول المؤرخ اليهودي قسطنطين أن الحكومة قد حلت نفسها عام 1772م , فانتقل اليهود إلى ألمانيا حيث شكلوا اتحاداً اقتصادياً لحكم العالم وانتقل الحكم من الحاخامات اليهود إلى الاقتصاديين الرأسماليين اليهود في اتحاد فرانكفورت الاقتصادي العالمي الذي تأسس في عام 1773م , وفي عام 1776م قام النظام العالمي الجديد في مثلث برمودا ورموز هذا النظام موجودة على عملة الدولار فئة واحد .
دأبت الحكومة الخفية على تغييرات جذرية في العالم يسمح لليهود بالسكنى بين ظهراني الشعوب ووفق عزلهم في جيتو من جهة [ أي أحياء خاصة باليهود يحيط بها أسوار ] وما يسمح لهم بممارسة التجارة والربا , فقد كان اليهود من الخبث أن يريدوا أن يحافظوا على شعبهم من الانحراف نحو الشعوب الأخرى ودياناتهم , مع السماح لهم بالمبايعات والربا مع تلك الشعوب ؛ لذا فقد كان الحاخامات هم من ابتدعوا الجيتو ولم يمل عليهم من قبل حكام أوروبا , وحين وجدوا أن ملكيات أوروبا ترفض السماح لهم بذلك أشعلوا الحرب في الأراضي المنخفضة (بلجيكا وهولندا ) وتمكنوا من إيجاد نظام خاص يناسبهم في هولندا , ثم تمكنوا من إحداث الثورة الإنجليزية على الملكية من آل ستيوارت , وبهذا نالوا الحرية في كل من بريطانيا وهولندا , وتطور عمل النظام الدولي الجديد وفق ثلاث آليات لإحداث التغييرات التي تتوافق مع متطلباته الوقتية الآنية أو المتغيرات التي يريدها على المدى القريب أو البعيد , وتلك الآليات هي ما يلي :
1- الآلية الأولى هي : الثورة المحلية : وهي الآلية التي استخدمتها حكومة الحاخامات اليهودية ببولندا قبل قيام النظام الدولي الجديد في إنجلترا في عام 1646م , وفيما بعد قيام النظام الدولي الجديد بـ13 سنة في فرنسا 1789م , وكذلك الثورة الأمريكية 1772م والثورة الإيرانية 1979م وحذا طريقتها كثير من الثورات المحلية , وصولاً إلى الثورة التونسية في عام 2011م , وهذه الثورات تحدث وفق مخطط علمي متقن ومحكم لا مجال لأي قوة ملكية أو جمهورية أو عسكرية أو أمنية إيقافه .
2- الآلية الثانية هي : الغزو الأجنبي وفرض إرادة التغيير بقوة الغزو:
وقد جربت هذه الطريقة أول ما طبقت على الدولة السعودية الأولى بين عامي 1811م-1818م حين تم تجييش الجيوش الغازية الأجنبية بقيادة محمد علي باشا حتى تم تدمير الدرعية العاصمة , وكذلك استخدمت ضد مصر محمد علي باشا نفسه عام 1841م حين اتحدت إرادة الدول التابعة للنظام الدولي الجديد في معاهدة لندن عام 1840م مجبرة محمد علي من كل البلدان التي احتلتها قواته , ثم في غزو فرنسا للجزائر عام 1830م , وصولاً إلى غزو عراق صدام حسين في عام 2003م .
3- الآلية الثالثة هي إدخال العالم في حرب عامة عالمية , وقد حدثت الحرب العالمية الأولى عام 1914-1918م والثانية عام 1939-1945م حتى تمكن النظام الدولي الجديد من إفهام ساسة العالم أن لا سيادة للدول الكبرى أو الصغرى بعيدا عن مصالح النظام الدولي الجديد الذي يتكون من قيادة سرية للعالم تتمثل بإثني عشر مليارير يهودي مع إثنين آخرين .
وسنتناول هنا فقط الآلية الأولى التي هي الثورات المحلية ( الإنجليزية والفرنسية ) التي تحدث بإتقان محكم لخدمة التغييرات التي تخدم أجندة النظام الدولي الجديد , فقد كانت حكومة الحاخامات اليهودية قد انتقلت إلى بولندا من الأندلس بعيد سقوطها بيد الأسبان في حدود عام 1500م – كما ذكرنا – , ظلت تعمل على إزالة الظلم – حسبما يراه اليهود – الذي كان يتتابع على يد ملوك أوروبا ضد اليهود الذين كانوا يريدون التعامل الربوي القسري مع الشعوب الأوروبية , ورغم أن هولندا وبولندا كانت البلدان الآمنان للرساميل المالية اليهودية , إلا أن القيادة الخفية للحكومة اليهودية قررت البدء بالتخطيط للثورة في إنجلترا الكاثوليكية , فكيف تأتى لها ذلك , وسنرى مدى تشابه الثورة التونسية بالثورة الإنجليزية والفرنسية والإيرانية.
فقد بدأت المؤامرة ضد إنجلترا ملكية آل ستيوارت من أحد أعضاء البرلمان الإنجليزي هنري فينيش الذي قدم طلباً بالسماح لليهود بالتجارة والاستيطان بإنجلترا , فرفض الملك وأثار عليه الكثير من النواب الآخرين , فأضطر السير هنري فينيش إلى سحب طلبه أمام اضطهاد الملك لمجموعات البيوريتانين وهم من محبي اليهود ومقدسي التوراة ، غير أنهم غيروا من لعبة الصراع فبدلاً من إثارة قضية مكشوفة وهي عودة اليهود أثروا خوض معركة قانونية تتعلق بصلاحية البرلمان ، لأنه حين يكتسب البرلمان الصلاحية فسيلقون بأوامر الملك في سلة المهملات وينفذون ما يريدون من خلال رشاوى تقدم للنواب بالبرلمان ؛ ففي نفس العام مزق الملك محضر نشرة مجلس العموم ـ البرلمان ـ في 1621م / 1042هـ جاء فيه (( إن حرية البرلمان وامتيازاته واختصاصاته حقوقاً أصلية وقديمة توارثها الشعب الإنجليزي منذ غابر الأزمان, وإن المسائل الخطيرة والشئون العاجلة المتعلقة بالملك والدولة والدفاع والكنيسة ,ووضع القوانين وحمايتها وإنصاف المظلومين .. ,كلها موضوعات ومسائل من اختصاص البرلمان ، يتشاور فيها أعضاؤه ويتناقشون ))وبعد تمزيق الملك للمحضر ، حل البرلمان واتهم سبعة من أعضائه بالخيانة العظمى .
توفي الملك جميس الأول عام 1625م /1046هـ وخلفه أبنه تشارلز الأول الذي لم يستطيع إيقاف موجة التهويد ، وفي هذه الفترة بدأت ظاهرة غريبة في لندن ، إذا أصبحت تعج بجموع الجماهير والرعاع الذين يثيرون الفوضى إلى جانب تنسيق مع التجار الذين معظمهم من اليهود ، فليلاحظ القارئ إذاً أصبح هناك تهريب عبر البحر لمجموعات من الغرباء لهم هدف واضح هو إثارة الفوضى والمظاهرات وهكذا بدأ التجار بالعصيان حيث رفضوا في عام 1628م /1049هـ سواء كانوا تجار لندن وكذلك كبريات المدن الأخرى دفع الضرائب التي فرضها الملك تشارلز الأول , وتطور النـزاع القانوني مع البرلمان حول صلاحيات البرلمان والملك إلى حله من قبل الملك تشارلز الأول لأكثر من إحدى عشرة سنة .
بعد أن عاد البرلمان إلى العمل بدأت مجموعة من البرلمانين المتعصبين من البيوريتانيين, مثل بيم وهمبون وهزلرج وهولز وسترود، وأثاروا المطالبة بإلغاء النظام الأسقفي الكاثوليكي وإقامة كنيسة بيوريتانية تحت إشراف مندوبين من أعضاء البرلمان ، وقبل أن يتمكن الملك من القبض عليهم كانوا قد استطاعوا من إثارة الجماهير والغوغاء وهي نفس الخطوات التي تحدث بالثورات جميعاً ، وتردد الملك بين التريث والهرب, وهنا انقسم البرلمان على نفسه في عام 1642م / 1063هـ ،بين حزب البرلمان وحزب السيادة المطلقة للملك ، وهنا كان أعيان الأقاليم مستعدين لتزويد الطرفين بعناصر القيادة ، وقام التجار بالتمويل ، وقام لوردات سيكس ومانشستر وملاك الأراضي فيرفاكس واوليفر كرومويل بقيادة الثورة ضد الملك .
اندلعت الحرب الأهلية، وانضم الفرسان و النبلاء والارستقراطيين ورجال الدين إلى الملك ، في حين كان التجار و البروتستانت البيوريتانيين إلى جانب جمهور من الغوغاء قد انضموا إلى كرومويل , ودارت المعركة بين الجيش الملكي وجيش البرلمان ، انتصر فيها كرومويل عام 1644م/ 1065 هـ . وكان إلى جانب كرومويل العديد من الأسماء اليهودية ، فإلى جانب مناسيح بن اسرائيل الحاخام الأكبر لليهود في هولندا ، كان اليهودي البرتغالي الملقب باليهودي العظيم فرنانديز كارفاجال والذي أصبح رئيس المستشارين العسكريين لكرومويل ، حيث قام بتنظيم أنصار كرومويل وحولهم إلى جيش نظامي مع أنهم في الغالب كانوا من غوغاء الناس، ووفر له احتياجاته من السلاح والعتاد والأموال . كما كان انطونيو دي كارفاجال الذي كان من أكبر الموردين لجيش كرومويل أبان هذه الحرب وتذكر توخمان أنه ينتمي إلى أسر المارانو اليهودية المتنصرة, وقد اعتمد كرومويل على مساعدتهم بالمال والتجسس . وكان سفير البرتغال في إنجلترا وهو اليهودي ( دي سوز ) قد جعل من منزله المحمي بالحصانة الدبلوماسية مقراً لزعماء النشاط اليهودي في إنجلترا أبان الثورة . وقد أتهم الملكيون أنصار تشـارلز الأول أعـداءهم أنصار كرومـويل بأنهم يهود .

ورغم انتصار معسكر البرلمان ( المتشددين ) الذي يقوده القائد البيوريتاني المتشدد كرومويل. إلا أن المعسكر الثائر انقسم على نفسه إلى قسمين ،ولم يكن الملك بعد هزيمة جيشه قادراً على المقاومة ،فأستسلم وقبض عليه عام 1646م / 1067هـ فطالب قسم من البرلمانيون ( المشيخيون ) باقتسام السلطة مع الملك ، غير أن القسم الأقل من البرلمانيين رفض ذلك ،فاندلع القتال بين طرفي الثوار أنفسهم عام 1648م / 1069هـ, وانتصر كرومويل وقبض على الملك و47 نائباً برلمانياً من المؤيدين للملك ، وأصبح كرومويل يحكم بربع أعداد البرلمان ، وهي ما أطلق عليها حركة تطهير العقيد توماس برايد أحد أكثر الضباط البيوريتانيين تشدداً .
ويزعم وليم كار أن مئات من الرجال الذين ساهموا بترجيح كفة كرومويل في حروبه ، كانوا من المحترفين المدرّبين الذين جاءوا من خارج إنجلترا، وقد تم تهريبهم من أجل هذا الغرض عبر الشواطئ .
وربـما إن هـذا التحليل له حظ من الحقيقة, ذلك أن الايرل سفولك في عام 1655م /1076هـ قد أظهر مهارة وتفوقاً في اكتشاف أعداد كبيرة من اليهود استمروا في العيش في إنجلترا ,وأعداداً أخرى تسللوا إلى البلاد خلسة دون ضجيج وكان لمهارته أن فر الكثير منهم خارج إنجلترا بعد ذلك . بل ونتيجة لكثرة من هاجر أو دخل البلاد خلسة من الأجانب أن ظهرت بعد نهاية عهد كرومويل 1660م/1081هـ كراهية شديدة للأجانب ، وأصبحت هذه الكراهية منظمة ويعتبر هذا دليلاً على صحة مشاركتهم في الأحداث الدامية التي تختلف عن طبيعة الشعب الإنجليزي شديد الولاء للملكية والنظام الملكي ،ويؤكد أن طبيعة الثورة الإنجليزية كانت في جانب منها ذات طبيعة خارجية، وظلت هذه الكراهية في قطاعات المجتمع البريطاني .
وفي مجلة الجنتلمان في منتصف القرن الثاني عشـر ورد في قصـيدة نشـرت بعـنوان ( اليهودي المتـجنس )تقول أن مثل هذا التجنس سوف يحول اليهود إلى إنجليز ويحول الإنجليز إلى يهود .
ولعل من المهم التساؤل حول مدى صحة وجود دور مؤكد لليهود ، والعمل السري لإدارة الثورة الإنجليزية وتوجيهها نحو مصالح اليهود في إنجلترا، ومن المهم أن نجيب على شطري السؤال كل على حده ، فمن ناحية العمل السري والتجسسي الذي لم يكن أخذ شكله الإستخباراتي الحديث فقد كان موجوداً ، ولعله في ذلك العصر (القرن السادس عشر والسابع عشر الميلادي) قد بدأ يأخذ بداية وضع أسسه الحديثة .
أما الجانب الآخر فهو عن مدى دور اليهود حقيقة في الثورة الإنجليزية يؤكد اسحق دزرائيلي والد رئيس الوزراء الـبـريـطاني بنيامين دزرائيلي في كتابة ( حياة الملك تشارلز الثاني ) إن هناك علاقة قوية للنورانيين ـ الماسونية ـ بالثورة الإنجليزية ، وبيَن في كتابه نواحي التشابه بين الثورتين الإنجليزية والفرنسية ـ فيما بعد ـ ويؤكد أن معلوماته قد استقاها من سجلات ( ملخبور دي سالم ) الزعيم اليهودي الذي كان سفيراً لفرنسا في إنجلترا في عهد الملك تشارلز الأول .
د.صالح السعدون

679

الكاتب د.صالح السعدون

د.صالح السعدون

د.صالح السعدون مؤرخ وشاعر وأكاديمي / لدينا مدرسة للتحليل السياسي غير مألوفة..

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة