حلم الإمبراطورية الإيرانية في عقول زعماء إيران .. الحلم والواقع المستحيل 2/2


حلم الإمبراطورية الإيرانية في عقول زعماء إيران .. الحلم والواقع المستحيل
الجزء الثاني :
أدركت إيران ومنذ وقت مبكر من التاريخ أن حظها السياسي قد ارتبط بطريقة أو بأخرى باليهود بالدرجة الأولى , وأن عدوها الأول هم الساميون في العراق , وسواء كان الساميون في العراق هم الأكاديون أم البابليون أم الآشوريون أم الكلدانيون أم العرب فإن هؤلاء الساميونحلم الإمبراطورية الإيرانية في عقول زعماء إيران .. الحلم والواقع المستحيل2/2

الجزء الثاني :
أدركت إيران ومنذ وقت مبكر من التاريخ أن حظها السياسي قد ارتبط بطريقة أو بأخرى باليهود بالدرجة الأولى , وأن عدوها الأول هم الساميون في العراق , وسواء كان الساميون في العراق هم الأكاديون أم البابليون أم الآشوريون أم الكلدانيون أم العرب فإن هؤلاء الساميون هم أكبر أعداء الفرس الذين أبلغهم هتلر في القرن العشرين أنهم ينتمون إلى الجنس الآري ؛ ومن هناك غيروا اسم بلاد فارس إلى اسم بلاد إيران .
وجد الفرس الإيرانيون أن أرضهم جدباء , صحراء بلقعاً , فما بين الرمال والهضاب والجبال إلا بقعة هنا أو هناك , وأن الفرس إذا كانوا سيعيشون سعداء فلا بد لهم أن يحتلوا أرض الرافدين أرض الساميين , ولأن العراق بلادهم – بناء على شهوة الإستملاك تلك – فعليهم التحالف مع اليهود أو الشيطان في سبيل الإستئثار بنعم بلاد الرافدين , بلاد العراق هي فردوس في هذه الدنيا بالنسبة للجنس الفارسي , وبقدر ما يبكي العرب على فردوسهم المفقود ( الأندلس ) بقدر ما يبكي الفرس أنهاراً من الدماء على العراق , فهي فردوسهم المفقود , في التاريخ القديم كانت العراق نهاية الطريق التجاري البري والبحري للتوابل والبهارات والعطور والبخور والحرير القادم من الهند والصين , والعراق هي أرض الزراعة والماء والخصب , وفي التاريخ الحديث هي مخزون البترول مع أرض العرب ( جزيرة العرب والخليج ) , ومن هنا يظل العرب كجنس منافس في كل شيء للجنس الفارسي .
تحارب العرب والفرس وساعد العرب الكلدانيون ولكن قورش الفارسي تمكن من التحالف مع اليهود وإسقاط بابل التي أرسل العرب بتيماء ودومة الجندل فلذات أكبادهم من أجل الدفاع عنها , ولكن تحالف الفرس واليهود تمكن من الإنتصار على تحالف العرب وإخوانهم الساميين الكلدان , أما الأخيرين فقد اضمحلوا وأبيد أكثرهم على يد العنصر الفارسي , أما العرب فقد قدر الله أن يرثوا إخوانهم الساميين في العراق , وخلال مئات السنين تبادل السيادة على العراق كل من الفرس والإسكندر المقدوني والسلوقيين اليونان والرومان والبيزنطيين حتى تمكن العرب من هزيمة الفرس في ذي قار , ثم القادسية والمدائن ثم نهاوند حيث تهاوى ملك الأكاسرة , وقد قدر الله أن يضع الفرس في خيارهم الجديد مع الإسلام هو أن يتوحد الفرس مع العرب في مواجهة الغرب المسيحي , ورغم أنه قد ثبت أن العنصر الفارسي كان معطاء في بداية الإسلام بداية من سلمان الفارسي وحتى أبي حنيفة النعمان , غير أن العنصر الفارسي بمجمله قرر معاداة العرب وإعلان العداء لهم والبدء في معارضة فكرية متخذين من العراق أول أسباب الخلاف فأول ما تفجرت الشعوبية ؛ كانت قد تفجرت في عهد عثمان حول قضية واحدة هل العراق هي بستان قريش أم أنها أرض فارس ( وفردوسها المفقود ) ومن هنا دمج عبدالله بن سبأ بين الأجندة اليهودية والأجندة الفارسية وحاكوا المؤامرات التي راح ضحيتها الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه ثم فجروا الفتنة بالأمة الإسلامية من خلال التمذهب وانشقاق كل مذهب إلى عشرات المذاهب مذهب يلد مذهب , وتمكنوا من غزو الأمة العربية في عقر دارها من خلال نظام القرامطة التي هدمت الكعبة وسرقت الحجر الأسود وأبطلت الفرائض , وسملت عيون الخلفاء العباسيين .وتمكن العنصر العربي من استعادة توازنه من جديد حين تحالف مع العنصر التركي الذي اتخذ من استانبول عاصمة له وصانوا العراق وطرد الفرس خارج حدود العراق . حتى العصر الحديث حين سقطت الدولة العثمانية واحتل البريطانيون العراق ثم نال العراق استقلاله فيما بعد فبدأت إيران تبحث عن فردوسها المفقود .
دخل شاه إيران مع العراق في صراع مرير بداية من دعم الثوار الأكراد حتى إجبار العراق عن التنازل عن جزء من شط العرب في معاهدة الجزائر 1974م , ومن ثم تغير النظام الشاهنشاهي إلى نظام الملالي ولكن إيران لم تتغير بل ازدادت شرهاً ورغبة بالعراق من خلال مسمى جديد ( تصدير الثورة الإسلامية) , لقد عملت إيران خلال ثلاثة آلاف سنة من أجل امتلاك العراق سواء بوضع عاصمتهم المدائن أو أكتسيفون (شمال بغداد حالياً ) أو اتخاذ مزارات شيعية مقدسة لتكون بمثابة مسمار جحا في العراق يحج الإيرانيون لها ويأخذون جثث موتاهم ليدفنوهم في أرض العراق المقدسة , ربما اللعبة السياسية هي أن العراق كله هو الأرض المقدسة وليست النجف وكربلاء . إن التقديس لدى الفرس هو التجارة والزراعة والماء والبترول , أما قبر علي بن أبي طالب والحسين رضي الله عنهما فليست إلا مسمار جحا في الفردوس المفقود .
فشل الخميني فشلاً جعله يتمنى تجرع كأس من السم أهون عليه من أن يريق دم مليوني جندي إيراني دون أن يحتل شبراً واحداً من العراق .وكما فعل نابونهيد خليفة نبوخذنصر حين نقل نشاطه إلى تيماء مستنصراً بالعرب ضد خطر الهجمة الفارسية في عهد قورش فعل العراق في عهد صدام حسين حين نقل بتروله إلى ينبع ووضع معظم مشورته بيد الملك فهد بن عبدالعزيز رحمهم الله في مواجهة خطر الهجمة الفارسية الخمينية , وكما دعمت تيماء ودومة الجندل نابونهيد الكلداني كون العراق بستان الساميين والعرب , دعم الملك فهد بن عبدالعزيز رحمهم الله صدام حسين رحمه الله بأكثر من مائة مليار ريال كون العراق هو البوابة الشرقية للعالم العربي .
وكما استنصر قورش باليهود ضد الكلدانيين والعرب ودمروا بابل واحتلوا العراق ؛ فقد تحالفت إيران مع اليهود والأمريكان والبريطانيين , ودمروا أفغانستان أولاً في حلف واحد ثم دمروا العراق وصدام حسين في حلف واحد .
وكما استخدم قورش الفارسي أهالي الجنوب بالعراق ضد نابونهيد , فقد استخدم الفرس في نظام الملالي شيعة الجنوب بالعراق ضد نظام صدام حسين .
لم يكن الفرس واليهود قادرون على قهر العراق طالما هو على وفاق مع جزيرة العرب , لذا تمكنوا من إيقاع صدام حسين بخطأ العمر واحتلال الكويت ومن ثم التفريق بينه وبين أخوته العرب بالجزيرة العربية ومن ثم الإستفراد بالعراق .
والآن هل سيضرب الأمريكان وإسرائيل المفاعلات النووية الإيرانية ؟ ومتى ؟
علينا أن نستقرئ الأحداث ؟
1- منذ تسع سنوات والغرب يهدد إيران بضربة جوية قاصمة , وإيران في سلام وأمان فلا الغرب ضرب إيران ولا إيران استجابت للمطالب الغربية . ووضعت مفتيها الأكبر السيستاني وهو يهودي من كازاخستان كما تقول أرجح الأقوال ولا يتكلم العربية . كما وضعت شاب أسلم من أصول يهودية هو أحمدي نجاد على راس المؤسسة الرئاسية الإيرانية , في اتحاد كبير بين الأهداف الإيرانية والأهداف اليهودية – الغربية .
2- تحالف الغرب مع إيران في حربين كبيرتين وأجبر العرب على الصمت أو القبول تحت الضغط السياسي والعسكري : الحرب الأولى 2001م ضد أفغانستان والحرب الثانية ضد العراق عام 2003م واحتلوا العراق احتلالاً مشتركاً بتنسيق عجيب حيث لم تطلق رصاصة واحدة من قبل جندي إيراني على أمريكي أو بريطاني كما لم تطلق رصاصة واحدة من قبل جندي صليبي على جندي فارسي إيراني .
3- احتلت إيران بئر بترول عراقي في وضح النهار أمام القوات الأمريكية ورئيس الوزراء العراقي ولم يتقدم جندي عراقي أو أمريكي لإراقة دم جندي إيراني .
4- فاز إياد علاوي بالانتخابات الأخيرة وكان يفترض كونه على علاقة ممتازة بسنة العراق وبدول الخليج وبسوريا أن يحكم بتأييد من أمريكا التي تحتل المنطقة الخضراء وبغداد , ولكن رفضت أمريكا أن يتسلم رئاسة مجلس الوزراء إلا بعد أن يذهب إلى إيران ويقدم لها فروض الولاء والطاعة ويأخذ الإذن منها وتعطية التعليمات التي في ضوئها يحكم العراق .
من هنا لو كان الغرب عدواً لإيران , وينوي ضرب منشآته النووية , ألا يمكنه الآن أن يؤيد إياد علاوي ويسلمه الحكم العراقي كي يكون العراق بيد أمريكا ويسهل على أمريكا عزل إيران ؟
أليس من المصلحة الغربية ( أمريكا- بريطانيا – إسرائيل ) أن يقضوا على نفوذ إيران بالعراق قبل التخطيط لضرب المنشآت الإيرانية ؟
ولكن الذي يجري لا يزال تنسيق إيراني بريطاني أمريكي على أعلى مستوى فيما يتعلق بالعراق , فكيف لنا أن نصدق أن ضربة أمريكية لإيران قد أصبحت وشيكة ؟!!!
لن نقول هنا أنها مستحيلة ولكن الذي نرجحه منذ أن استلم اليهودي الديموقراطي دينيس روس ملف الخليج أن كل ما يجري هو لعبة سياسية تستهدف أموال وثروات الخليج .. وعلى إيران السلام , علينا أن نخشى أن الأعداء الثلاثة إيران – أمريكا – بريطانيا تسعى لاقتسام الخليج كما اقتسموا العراق من قبل !
علينا ألا نتوقع ضربة للمفاعلات الإيرانية .. بقدر ما يجب أن نخشى من تمثيلية أمريكية بإيران لتبدأ إيران وليكون مبرراً لها لغزو الخليج .
علينا أن نستعد للأسوأ .. ولا نتوقع أن دولة يقودها يهودي أسلم يوم الثورة الإيرانية وغير اسمه إلى أحمدي نجاد ستكون خصماً لليهود وإسرائيل وأمريكا والغرب .
ومع ذلك فقد عودتنا إيران أن نفسها قصير .. فتفور فورات ثم تنكسر بسهولة ويسر وسرعة .. فعدد سكانها وجغرافيتها وقصر نظر سياسييها يحتمون في نهاية الأمر ألا أمل بأن تكون إيران إمبراطورية وإن اقتربت منها !.
د.صالح السعدون

1٬501

الكاتب د.صالح السعدون

د.صالح السعدون

د.صالح السعدون مؤرخ وشاعر وأكاديمي / لدينا مدرسة للتحليل السياسي غير مألوفة..

مواضيع متعلقة

2 تعليق على “حلم الإمبراطورية الإيرانية في عقول زعماء إيران .. الحلم والواقع المستحيل 2/2”

  1. خليف الغالب

    شكرا د/ صالح ….فعلا أعتقد أن اللعبة كشفت في النهاية عن هذا التحالف الغربي الفارسي …

    والله يستر من قابل الأيام ..أيام صعبة بلا شك …….

    لكن المشكلة الأعظم أنا مازلنا في سبات عميق … والخوف
    (كل الخوف) أن تنجح هذه المسرحية او التمثيلية وتكون على حساب الخليج والعرب

    فعلا (الله يستر) ………….الوضع مخيف جدا والاحداث أخذت في التسارع ويبدو أن الموعد اقترب كما ذكرت ……….

    كل الشكر أستاذي العزيز ………….

  2. د.صالح السعدون

    الكاتب :خليف الغالب
    شكرا د/ صالح ….فعلا أعتقد أن اللعبة كشفت في النهاية عن هذا التحالف الغربي الفارسي …

    والله يستر من قابل الأيام ..أيام صعبة بلا شك …….

    لكن المشكلة الأعظم أنا مازلنا في سبات عميق … والخوف
    (كل الخوف) أن تنجح هذه المسرحية او التمثيلية وتكون على حساب الخليج والعرب

    فعلا (الله يستر) ………….الوضع مخيف جدا والاحداث أخذت في التسارع ويبدو أن الموعد اقترب كما ذكرت ……….

    كل الشكر أستاذي العزيز ………….

    حياك الله أستاذ خليف
    وستنكشف لكل ذي عقل مؤامرتهم مع الأيام
    هم يصعدون تارة ويهدئون تارة أخرى
    اليوم هناك خبرين متناقضين
    وزير الدفاع الأمريكي يصرح ان ايران مازالت غير قادرة على انتاج السلاح الذري، مضيفا ان برنامجها النووي يسير بشكل بطئ.
    بينما إيران تشكو أمريكا للأمم المتحدة لأنها تهددها باستخدام السلاح النووي
    تناقضات هدفها أن نعيش الوهم يوماً بيوم في مسرحية لا ندري كيف تكون نهاية سيناريوهاتها
    بارك الله فيك وحياك الله
    د.صالح[/color]

التعليقات مغلقة