الحرية اليهودية – البروتستانتية (المسيحية – الصهيونية )…

الحرية التي يريدها هذا الرئيس الصليبي البروتستانتي بوش الصغير , إنما يعني بها كل أمريكي أو يهودي يحمل فكر التوراة , أما اليهود المعتدلين أو الأمريكيين المؤيدين للحق العربي فهم ليسوا إلا أعداء يقفون في الشارع المضاد لبوش والفوضى المدمرة التي يريد من خلالها أن تعيش إسرائيل بسلام .الحرية اليهودية – البروتستانتية

23/4/1426 هـ الكاتب د.صالح السعدون

الحرية اليهودية – البروتستانتية (المسيحية – الصهيونية )…

لها معنى مختلف عن المعنى الذي نقرأه بكل قواميس لغات العالم…

للحرية معناها باللغات العالمية جمعاء , لكنها حسب التعريف الصهيوني الإسرائيلي والبروتستانتي الأمريكي لها معنى مختلف تماماً, إن الرئيس بوش الإبن إستخدم كلمة الحرية في خطاباته وتصريحاته أكثر من أي شخص بهذا العالم , ولكن أي محلل بسيط لا يمتلك من القدرات التحليلية إلا القليل , فإنه قادر على التمييز بين المعنى الذي يقصده بوش بالحرية , وبين المعنى العالمي للحرية حسب التعبير الإنساني لمعنى الحرية بلغات العالم أجمع .

إن بوش يتكلم عن الحرية بلغة خاصة أقل ما يقال عنها أنها تعني معاني عنصرية , فهي تعني الحرية لليهود والبروتستانت من بين شعوب وأديان العالم , إنها تعني الحرية لكل ما هو أمريكي يؤيد اليهود وكل إسرائيلي على الإطلاق , وقد لفت أنظار المراقبين أن بوش لم يقدم أي احتجاج على دهس الدبابات الإسرائيلية عمداً لفتاة أمريكية تعترض على تدمير إسرائيل للمدن والقرى والبيوت الفلسطينية بالضفة الغربية ( وقت اجتياح إسرائيل لمدينة جنين قبل أكثر من عامين ) حتى خيِّل للعالم حينها أن الدم الأمريكي أصبح برخص التراب , ليس ذاك إلا لأن تلك الفتاة كانت تنادي بحرية الأطفال العرب ولم تكن تؤيد إسرائيل , فطالما أنها ضد اليهود فدمها حتى لو كانت أمريكية لا يستحق خطاب احتجاج من وزارة الخارجية الأمريكية يقدم للسفير الإسرائيلي بواشنطن .

إنها تعني بلغة الاقتصاد الحرية للشركات الأمريكية – التي بغالبيتها الساحقة وبشكل مطلق ذات أصول يهودية وهي الشركات العابرة للقارات – كي تدخل إلى كل أسواق العالم بحرية كاملة من خلال قوانين منظمة الجات وغيرها , وتعني عسكريا إمكانية شن الحروب العسكرية المدمرة على الدول والشعوب التي تتعارض سياساتها أو مصالحها مع المصالح الإسرائيلية بالدرجة الأولى ودون تأخير كنظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين والمصالح الأمريكية بالدرجة الرابعة( لأن الأولى والثانية والثالثة كلها لمصالح اليهود ) كنظام كوريا الشمالية وغيرها , ولعل سياسة بوش لا تعنى فقط بالجهات التي قد تشكل خطراً حقيقياً ومباشراً على إسرائيل بل على أية جهة ربما تشكل خطراً ولو بعيد المدى على الدولة العبرية بفلسطين , وحسب مبدأ جيمس شليزنغر في عام 2003م وهو من منظري المحافظين الجدد بأمريكا والذي قال : (( يقولون إن الحرب جهنم , وأن السلام جنة , لكننا نعرف جميعاً أن هذا كذب , فالحرب هي الجنة والسلام هو الجحيم )) إن السلام هو الجحيم لشركات السلاح التي لا يأتي لها السلام إلا بالكساد والإفلاس , وهي بدورها أكبر الداعمين الماليين لحملات بوش الانتخابية .

وقد انتقد بعض الأدباء وحتى الإسرائيليين منهم سياسات الرئيس بوش , حيث شن الأديب ‘الإسرائيلي’ الشهير ‘ب. ميخائيل’ هجومًا عنيفًا على الرئيس الأمريكي ‘جورج بوش’ والذي يعد الأعنف في الصحف العبرية منذ سنوات , وقال في مقالته التي نشرتها صحيفة يديعوت أحرونوت الصهيونية: إن تصرفات الرئيس الأمريكي في حربه الأخيرة ضد العراق تكشف بعمق مدى القوة الحيوانية الكامنة داخل نفوس كل البشر. وأضاف في المقال الذي تناولته وسائل الإعلام الصهيونية باهتمام شديد، إن تقليد المجتمعات الصغيرة للولايات المتحدة، في طرق حياة الشعب الأمريكي من ارتداء الملابس الجينز الشهيرة وشرب الكوكاكولا، هو تعبير عن إعجاب هذه المجتمعات بالنموذج الأمريكي، موضحًا أن الحرب التي شنتها واشنطن على العراق، وما تخللها من أعمال إجرامية وانتهاكات لحقوق الأسرى والاغتصاب، سيجعل كل ديكتاتور صغير في هذا العالم يفعل نفس الأمر، ومعه ذريعته: أمريكا قامت بذلك’.

ووصف الأديب الصهيوني فترة بوش الأولى بأنها ‘مخيبة للآمال’، مشيرًًا إلى أن هذه الإدارة كشفت المفاهيم الحقيقية للديمقراطية الأمريكية المتمثلة في إهدار حقوق الإنسان، وهشاشة الديمقراطية الأمريكية.

وسخر الأديب ‘الإسرائيلي’ من المبررات التي تسوقها الإدارة الأمريكية لقتل المدنيين والأبرياء تحت شعار الحرب والقتل الخطأ , وطالب في نهاية مقالته الرئيس بوش بأن يضبط انفلاته حتى يصبح بالفعل جديرًا بلقب رئيس أكبر دولة في العالم.

و لعل الأمر يصل إلى حد إباحة كل أنواع التزوير والكذب كحكاية استيراد العراق لكميات من اليورانيوم من النيجر أو وجود أسلحة دمار شامل بالعراق وغيرها لتبرير كل السياسات التدميرية للشعوب والحكومات المعادية وشن الحروب بما فيها الحرب النووية , كل ذلك باسم الحرية التي لا يحق لأحد فهم معناها سوى بوش وزمرة المحافظين الجدد بواشنطن .

أن الذي فسر المعنى الحقيقي الذي يرمز إليه بوش في استخدامه المكثف لكلمة الحرية بمناسبة وغير مناسبة , ربما من قبيل الحكمة المشهورة ((اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس )) هو أدولف بيريز إسكيفل الحائز على جائزة نوبل للسلام الذي أرسل إلى الرئيس بوش الابن رسالة شخصية في 30/4/2003م حين قال ((تتحدث عن الله وأنت تكفر به , وتتحدث عن الحرية وأنت تدمرها , وتتحدث عن الديموقراطية والكرامة وأنت لا تتردد على التضحية بهما على مذبح مولوخ إله الدمار والدم الذي لا تعبد إلا إياه )) .

من هذه المنطلقات فإن للحرية طعماً ومعنى مختلفاً لدى بوش , إنها حرية أمريكا وإسرائيل , إنها حرية اليهود والبروتستانت , من بين كل شعوب وديانات العالم , ومن خلال رؤية متطرفة أحادية . وفي كل يوم يكتشف العالم هذا التطرف والأحادية في الرؤية لدى أمريكا البروتستانتية ورئيس المحافظين الجدد , فقد ندد مقال نشر بصحيفة الشعب الصينية اليومية ـ وهي من الصحف الرئيسية في الصين ـ بالاتجاه القومي المغالى في تطرفه بالولايات المتحدة والذي عكسه خطاب الرئيس الأمريكي جورج بوش في حفل تنصيبه للفترة الثانية أنه مستمر في التنامي في هذا البلد , وأشار المقال إلى جو الحرب الذي جرت فيه تلك الاحتفالات بتنصيب بوش لفترة ثانية في ظل حراسة ستة آلاف شرطي , وأرجع المقال أسس هذه النزعة القومية المتشددة إلى عدة دوافع في مقدمتها الاستعلاء المبنى على عقيدة دينية بأن الأمريكيين اختارهم الرب, والتركيز على الذات الناجم عن العزلة, والاعتقاد بأن أمريكا صاحبة رسالة تستهدف إنقاذ العالم بأي وسائل تراها.

وأشار المقال إلى التطرف القومي في مجال السياسة الخارجية الذي يقرر من هو الصديق ومن هو العدو استنادًا للقيم والمعتقدات والاعتبارات السياسية الأمريكية ويطبق معايير مزدوجة تعكس نوعًا من النفاق الأخلاقي. وأضاف أن الفكرة الرئيسة وراء خطاب بوش تعكس أن الغرور المعنوي والعسكرية العدوانية هما عنصران هامان من عناصر القومية الأمريكية المتشددة. واختتم المقال بالقول أن القومية الأمريكية والاتجاه الإمبريالي يمكن أن يهزا القيمة المركزية للحرية بالولايات المتحدة بل ويدمرانها.

إن أي عالم أو سياسي أو مثقف مسلم أو كاثوليكي أو أرثوذكسي أو حتى كنفوشوسي , ينتقد البروتستانتية ونزعاتها المتطرفة الممثلة بأمريكا أو اليهود الممثلين بإسرائيل ونزعتها العنصرية , أو السياسات القمعية والعسكرية التدميرية لهما بالعراق وأفغانستان وفلسطين , فإنه ينظر لـه باعتباره عدواً للسامية ومتطرف أو إرهابي وعدو للحرية , إن اغتصاب حرية وخيار واستعمار شعوب العراق وفلسطين لا تتناقض مع الحرية لأن الحرية هي أن تكون لإرادة أمريكا وإسرائيل بأن تفعل بهذا العالم كل ما يتوافق مع أهوائها من منطلق القوة فحسب .

ومن جانب آخر يحق لكل يهودي أو بروتستانتي في العالم أن يقول من كلمات الإرهاب والقمع والتحريض على القتل والكراهية ما يشاء فليس لـه حسيب أو رقيب , فهذا مويال رئيس بلدية سديروت إحدى المستوطنات المغتصبة بقطاع غزة يصرح بكل المحرمات ولم يحاسبه أحد , فقد خاطب مويال رئيس الحكومة الإسرائيلية آرائيل شارون، بالقول: “كل ما نطلبه هو الهدوء .. عليه (شارون) أن يتخذ القرارات، لجلب الأمن إلى أسديروت، حتى وإن كلف ذلك احتلال غزة وإشعال النار فيها، ليس لدي مشكلة في ذلك”، وتابع يقول: “أدرك أنه مرتبط بالأمريكيين ولديه التزامات مختلفة لهم، وللأوروبيين، لكن هذه جميعها لا تساوي شعرة من رأس واحد من أولاد أسديروت .. )) .

من حق أي زعيم ديني يهودي أن يقول ما يشاء من كلام عنصري ضد العرب , فقد تزعم حزب شاس الديني المتطرف الحملة المطالبة بطرد المواطنين العرب من شمال القدس تحديدًا، بزعم أن الأصوليين اليهود يرفضون مزاحمة العرب لفتيات اليهود في المدارس والشوارع. واشتكى الحاخامات من أن المواطنين العرب يتعمدون السير مع فتيات يهود من بنات المحافظين اليهود، عن طريق ارتداء العرب لقبعات يهودية.وهو ما تنافى مع تأكيد عضو الكنيست ‘نسيم زئيف’ من حزب شاس، الذي قال: إن اليهود يرفضون الوجود العربي بجوار اليهود في شمال القدس بصفة خاصة.

ولكن ليس من حق أي زعيم ديني إسلامي أن يعارض الضغوط الأمريكية على بعض الدول العربية من أجل ما تسميه الإدارة الأمريكية من حقوق المرأة أو قيادتها للسيارات .

وما من شك أن هذه النظرة الأحادية للحرية قد جلبت لكل من أمريكا وإسرائيل كراهية العالم أجمع , فقد كشف تقرير للحكومة ‘الإسرائيلية’ عن تنامي أعمال العنف المعادية لليهود بشكل حاد في كل من روسيا وبريطانيا. وأنها بلغت في روسيا من أربعة إلى 55 هجومًا وفي بريطانيا من 55 إلى 77 اعتداء. أما بالنسبة لعدد الحوادث ضد اليهود في فرنسا فلم تتغير عن عام سابق حيث ثبتت عند 96 اعتداء، وهي النسبة الأعلى في العالم,

وأن الجاليات اليهودية المحلية في العالم أفادت بوقوع 282 هجومًا ضد يهود ومؤسسات يهودية في عام 2004 مقارنة بـ234 عام 2003م . وأوضح التقرير ـ طبقًا لهيئة الإذاعة البريطانية ـ أن عدد الهجمات على اليهود ارتفعت خلال هذا العام , وفي الوقت نفسه تزايد الحديث في الآونة الأخيرة عن ‘معاداة السامية’، وسط نداءات من الكيان الصهيوني لحماية اليهود من هذا الاضطهاد ، وبالفعل وقع الرئيس الأمريكي جورج بوش على قانون ‘معاداة السامية’، وطالب وزارة الخارجية الأمريكية بمراقبة ما وصفه بالأنشطة المعادية للسامية في العالم، وإعداد تقرير سنوي يشمل تصنيفات للدول حسب معاملتها لليهود على أراضيها . وقد طالبت السفارة الصهيونية في موسكو السلطات الروسية باتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة ما يسمى ‘معاداة السامية’ .

إن كراهية اليهود أو تلك التي يطلق عليها اللاسامية ستستمر في الازدياد وباضطراد طالما أن الزعامات الصهيو- بروتستانتية بالعالم السكسوني وإسرائيل لم يقروا بأحقية الشعوب بالحرية الحقيقية في ممارسة خياراتها الحقيقية , وأن تنعم هذه الشعوب – وخاصة شعوب الهلال الإسلامي الذي يبدأ بتركيا وينتهي بطنجة على مضيق جبل طارق مروراً ببلاد العراق والشام – بالسلام والأمن سواء كان الأمن الاقتصادي أو الغذائي أو الصحي وحتى الأمن السياسي .

د. صالح السعدون

1٬764

الكاتب د.صالح السعدون

د.صالح السعدون

د.صالح السعدون مؤرخ وشاعر وأكاديمي / لدينا مدرسة للتحليل السياسي غير مألوفة..

مواضيع متعلقة

تعليق واحد على “الحرية اليهودية – البروتستانتية (المسيحية – الصهيونية )…”

  1. لافض فوك يا د.صالح فقد اصبت

    **************
    بوركت أخي البيدر ونفع الله بي وبك الأمة
    محك أبو بكر

التعليقات مغلقة