حلم الإمبراطورية الإيرانية في عقول زعماء إيران .. الحلم والواقع المستحيل 1/2

حلم الإمبراطورية الإيرانية في عقول زعماء إيران .. الحلم والواقع المستحيل 1/2

إيران تريد أن تكون إمبراطورية , أو على الأقل قوة إقليمية تسيطر وتهيمن على الشرق الأوسط ثم تنتقل إلى إلى إمبراطورية عالمية .
القدر أولاً والعالم ثانياً يرصدون أنفاس إيران وهي ماضية في غيها , لذا فإن لم تتراجع عن سياساتها الإمبراطورية فسيتم ضربها خلال الأشهر القادمة .
هذه سلسلة لدراسة الإستراتيجيات والأهداف الإيرانية وتصور حول ما يجري وما سيجري .
د.صالح السعدونحلم الإمبراطورية الإيرانية في عقول زعماء إيران .. الحلم والواقع المستحيل 1/2

الكاتب / د.صالح السعدون
إيران شغلت الدنيا .. العنصر الفارسي عدده قليل ليس كعدد شعوب الهند ولا عدد شعوب الصين ولا عدد شعوب الترك من تركمان وأوزبك وطاجيك وقرغيز و ترك وغيرهم ولا كذلك يساوون حتى سدس الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج .
منذ العصور القديمة وهم يلهثون يريدون أن يكونوا أمة عظيمة بعكس حقائق الجغرافيا والتاريخ والديموغرافيا والاقتصاد فمن حيث الجغرافيا بلد صحراوي بالدرجة الأولى وبنسبة قد تصل إلى سبعين بالمائة من أرضه صحراء حيث أن الأراضي المروية من بين أراضي إيران لا تزيد عن (76500كم2) من بين مساحة إيران المقدرة (1.648) مليون كم2 والباقي جبال , وهذه المساحة الإجمالية لاتزيد كثيراً عن مساحة ولاية واحدة كولاية الأسكا من ولايات الولايات المتحدة الأمريكية , من حيث التاريخ فقد برزت إيران كدولة كبرى خلال فترات قصيرة من التاريخ القديم خاصة وحاولت في العصر الحديث التي تختلف معطياته عن العصور القديمة فما وفقت في ذلك ابداً . وقد تمكنت خلال عصر الدولة الميدية والأخمينية والساسانية ثم الصفوية حيث برز قادة طموحين ككسرى قورش و قمبيز وإسماعيل الصفوي تكوين إمبراطوريات ولكن هذه الإمبراطوريات لم تعمر ففي أكثر الأحوال استمرت نصف قرن ثم أعقب تلك الفورة انقسام وتدمير لإيران واحتلال وإحراق لعواصمها على يد قادة إمبراطوريين آخرين كالإسكندر وجستنيان وهرقل في حين كان كسرى يفر هارباً تاركاً جيوشه للقتل والأسر وعاصمته للحرق والتدمير فقد دمرت وأحرقت عواصم إيران خلال حقب التاريخ ليس لأن الشعوب الأخرى كالشعوب الليدية واليونانية والرومانية والتركية لديهم رغبة في حرق المدن , وإنما كانت سياسات الإمبراطوريات الإيرانية خلال حقب التاريخ هي العنف والحرق والتدمير وإحراق عواصم الأعداء , لذا يظلون أعداءهم يقاومون حتى تصل الإمبراطوريات الإيرانية بسرعة إلى حافة الإنهيار فيقوم أعداء إيران بحرق عاصمة الإيرانيين رداً وانتقاماً على ما فعله الإيرانيون بمدنهم.
والمشكلة التي تجعل الفورات الإيرانية تقوم بسرعة وتنطفئ بنفس السرعة هي أنها تقوم على رغبات قادة دمويين طموحين في إقامة إمبراطوريات دون أن تكون لديهم مؤهلات الإمبراطورية من جميع النواحي الديموغرافية والاقتصادية والعسكرية والحضارية ؛ ولذا فهم يعمدون إلى عمليات قتل وإبادة من أجل تطويع الشعب لرغبات هذا الزعيم أو ذاك , وقد ذكر المؤرخين أن إسماعيل الصفوي قد قتل ألف ألف شخص أي مليون من أجل بناء إمبراطوريته وفق تصوراته الخاصة , بعض من قتلهم طبخ لحومهم أحياء ورماهم للكلاب .. من أجل بناء إمبراطورية صفوية شيعية .. ولكنه أخيراً هرب من تبريز وحده تاركاً عاصمته و قصره ليحرقها سليم الثاني العثماني الذي صادر كل ما بقصره بل واسر بعض زوجات إسماعيل الصفوي نفسه .
أما الديموغرافيا وخاصة في العصر الحديث فقد تغيرت إيران خلال ألف وخمسمائة عام , فلم يعد سكانها هم من الفرس فقط , بل إن تمازج الشعوب وهجرة أخرى جعل الجمهورية الإيرانية اليوم خليط من الشعوب ليس غير متجانس فحسب ؛ بل إن بينهم كثير مما يفرقهم أكثر مما يجمعهم , فعددهم حسب آخر تعداد حدث بتاريخ إيران الذين يسعون دائماً للتميز عن غيرهم في عام 1388هـ الموافق 2009م أي العام الفائت حوالي 73مليون نسمة ربعهم أطفال تحت 15سنة ,
ورغم أن إيران حريصة على عدم نشر أي إحصاءات رسمية حقيقية حول أعداد الأعراق في إيران لكي لايكتشف العالم أن عنصر الفرس المهيمن على كل مناحي الحياة قد لايشكلون ما يعرفه الناس وهماً , إلا أنه حسب المنشور فإن الفرس رسمياً يشكلون 63% من السكان بينما إحصاءات محايدة ترى أنهم لا يتجاوزون 51% وإحصاء آخر 49% , الأتراك رسمياً 20% , أما المحايدة 24% مع ملاحظة وهكذا بقية القوميات الأخرى (وجيلاك ومازندرانيون 8%)( أكراد 7% رسمياً 6% ) (وعرب وهو الأغرب فالإحصاء الأمريكي المحايد تحامل على العرب فأعطاهم 2% والرسمي رغم محاولات التقليل قدر العرب 8% ) إلى جانب عناصر أخرى (كالبلوش وتركمان ولور وبختياري وأرمن ) , هذه التشكيلة غير المتجانسة سكانياً تجعل في بلد يتحكم فيه أكثرية مزعومة ليست أكثرية حقيقة وفي ظل انعدام التكافوء والعدالة بين الأعراق يجعل الصعوبات أكثر مما تتخيلها قيادة إيران في سبيل سعيها الحديث لإقامة دولة إقليمية كبرى . يلي هذا التباين السكاني عدم تناغم أو تجانس مذهبي وديني من الشيعي الإثني عشري إلى السني فالبهائي والزرادشتي والمسيحي واليهودي , مما يصعب على نظام جمهوري توجهاته العقائدية مذهبية ضيقة حتى على شركائه في الدين من المذاهب الأخرى ؛ فضلاً عن الأديان الأخرى ؛ إقناع هذه الشعوب بوحدة الهدف والتوجه والانقياد تجاه سياسة إمبراطورية سواء كانت إقليمية أو عالمية .
د.صالح السعدون

738

الكاتب د.صالح السعدون

د.صالح السعدون

د.صالح السعدون مؤرخ وشاعر وأكاديمي / لدينا مدرسة للتحليل السياسي غير مألوفة..

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة