مفاجأة القمة العربية في الدوحة عام 2009م
القمة العربية في الدوحة كان أهم مفاجآتها هي أن العقيد معمر القذافي لم يتغير . فهو كما كان ملازماً قام بالانقلاب بمساعدة السفارة البريطانية على الملك السنوسي ؛ ذلك الشاب هو نفس هذا الكهل قبل حوالي أربعين عاماً كان أصغر ملوك ورؤساء الدول بالكرة الأرضية ؛ وقد حافظ على حكمه بالحديد والنار والتطهير كما لم يقم أحد من الزعماء بمثل ما قام به أبداً .
وبعد أن كان ذلك الخريج الصغير الذي وضعه الغرب على سدة رئاسة دولة بترولية ليصبح الآن بعد أربعة عقود القائد الليبي وكذلك القائد الأممي وعميد الزعماء العرب ورئيس الاتحاد الأفريقي وملك ملوك أفريقيا معمر القذافي , وسيكون له من الأسماء كما للخلفاء الفاطميين الذين انتمى إليهم ذات مرة وكل مرة حين يرغب بمغازلة إيران رغم الخصومة فيما بينه وبين شيعة العالم حين اختفى الصدر بعد زيارة لليبيا , وكما ذكر أنه يعود بأصوله إلى امرأة هاجرت من الكاظمية بالعراق إلى ليبيا حين كان ضيفاً عند صدام حسين , معمر القذافي أيضاً ادعى أمام الملك عبدالله بن عبدالعزيز ذات مرة أنه يعود لقبيلة من جزيرة العرب هي قبيلة سليم ..
القذافي ربما فجأة رأى أن العراق المحتلة من إيران إلى جانب أمريكا لن تكون صالحة لرئاسة القمة القادمة فجاء حسب ترتيب الحروف الهجائية دور ليبيا ؛ ولذا تغيرت الموازين فلكي لا تعترض السعودية أو تلغي حضورها فلا بد من مصالحتها وإحراجها بهذه الطريقة ؛ لتمضي السنة القادمة وتكون ليبيا في عرس من أعراس طويلة لم ينتج عن تلك الزواجات والأعراس أية ولادات لبنين أو بنات .ولأن القذافي له كل هذه المناصب فلا بد من أن يضيف إليها رئيس القمة العربية ولذا يجب أن يكون زعيم العرب الأوحد أفليس هو عميدهم ؟!! ولذا فقد دعا إلى توسيع صلاحيات رئيس القمة ليكون له صولة وجولة في القمة القادمة .
هذه السياسات الشخصية لن تؤدي إلا إلى خدمة الذات الزعامية للزعيم ملك الملوك ! ولكنها أبداً لم تكن تستهدف المصلحة العامة للأمة , ولا حتى كما قال ” احتراماً للأمة ” ؛ وفي هذا السياق تغيرت الأجندة الليبية , فمن المطالبة بإقامة دولة يهودية فلسطينية من جنسيتين ليتغير 180% فأصبحت السياسة الليبية بالنسبة للصراع العربي الإسرائيلي منذ هذه اللحظة كما أشار الرئيس الليبي إلى استحالة التفاهم مع إسرائيل دون عودة اللاجئين الفلسطينيين وتفكيك ترسانتها النووية .شعارات ستنتهي بمجرد انتهاء القمة في العام القادم بليبيا .
فإلى متى يا أمتنا السليبة تحكمنا الأهواء والأمزجة ؟
رائع ومبهج ومبهر أن يفوت عاهل الجزيرة العربية وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ببعد نظر الحكيم الهاديء المجرب والمحنك عملية الدعاية الليبية التي تعودنا عليها خلال أربعين عاماً حين يحول الزعيم نفسه إلى مهرج والقمة إلى ملعب لكرة قدم إنجليزية كل ما فيها ينبئ بالعراك .
د. صالح السعدون