مراكز البحوث والدراسات الإستراتيجية .. وخدمة الأهداف السياسية ..

مراكز البحوث والدراسات الإستراتيجية .. وخدمة الأهداف السياسية ..

انتشرت هذه السنوات الأخيرة فكرة مراكز البحوث و الدراسات الإستراتيجية في كل مكان , وللوهلة الأولى تقدم هذه المراكز أستاذاً حاصلاً على شهادة الدكتوراه ربما لديه بعض السكرتارية وقليل من المترجمين للحصول على بعض التقارير الدولية من قبل وزارات الخارجية في الدول الكبرى أو منظمات عالمية كحقوق الإنسان وغيرها

مراكز البحوث والدراسات الإستراتيجية .. وخدمة الأهداف السياسية ..

انتشرت هذه السنوات الأخيرة فكرة مراكز البحوث و الدراسات الإستراتيجية في كل مكان , وللوهلة الأولى تقدم هذه المراكز أستاذاً حاصلاً على شهادة الدكتوراه ربما لديه بعض السكرتارية وقليل من المترجمين للحصول على بعض التقارير الدولية من قبل وزارات الخارجية في الدول الكبرى أو منظمات عالمية كحقوق الإنسان وغيرها , وحين يتقدم في برامج حوارية مع قنوات مشهورة كقناة الجزيرة أو العربية تصاب بالصدمة سواء كانت تلك الصدمة منذ المقابلة الأولى أو أنه قد ينجح لفترة حتى تتكشف مع الوقت دقائق فكره الذي سيشكل الصدمة للمستمع والمشاهد العربي .
كنت أتابع في حلقة لقناه الجزيرة مع بن جدو من لبنان وكان أنيس النقاش وهو رغم عدم شهرته إلا أنه بدأ يزداد ظهوره مع الوقت رغم ما يشوب أسلوب حديثه الكثير من التشنج الذي يجعل – أي ذلك التشنج – المشاهد يقف في حالة من الدهشة أمام ردود فعله وأرائه المتشددة ؛ وحين يشط المفكر في فكره نحو إيغال أسود تبعاً لهواه نابذاً للموضوعية والهدوء بالطرح فإن سقوطه يكون مريعاً ؛ بل وسيساهم في سقوط البرامج التي تستضيفه باعتبارها برامج ذات أهداف سياسية مرسومة بعيدة عن الأهداف التي ينشدها المشاهد وهي البحث عن الحقيقة والخبر الصادق , أنيس النقاش كما عودنا أساتذة القنوات الفضائية يعتبر منسق شبكة الأمان للبحوث والدراسات الإستراتيجية . هذا كل شيء بالنسبة إليه ؛ أعجبني بن جدو رغم فكره المعروف واتجاهاته المقولبة في قالب محدد فقط لأته أتى بثلاثة شخصيات في برنامجه أحدهم سعودي يمثل مؤسسة صحفية سعودية وآخر لبناني معتدل موضوعي لا أتذكر أسمه والثالث كان أنيس النقاش الذي كان بوضوح يمثل بتشنجاته وعصبية ردوده يمثل راديكالية غير مقنعة .
ليس المهم موضوع الحلقة ذاتها وإنما مناقشة سقوط المفكرين أو أشباه المفكرين ؛ فقد أصر أنيس النقاش بفكر شعوبي يمثل الحالة الشعوبية المتأصلة بالبعض من عصر الدولة العباسية وما قبلها . فقد كان الشعوبيون يكرهون العرب ويؤمنون بعظمة الفرس ولذا فهم لا يجدون مجالاً أو وسيلة للانتقاص من العرب إلا وأقدموا عليها دون تردد , الفكر الشعوبي الذي تأصل لدى أنيس النقاش جعله يكرر عدة مرات أثناء البرنامج كلمة الأعراب بدلاً من العرب ؛ مذكراً بين الفينة والأخرى بزياراته لإيران , وحين رأى ملامح معد البرنامج والضيفين قد انتقدت هذا التشنج والعصبية ؛ قال بعنجهية جاهل وبعيداً عن الحياء والموضوعية وكأنه يخاطب جمهوراً من الجهلة وربما يظن أن أهل الشام سيفهمون تعريضه وسخريته من السعوديين بينما لن يفهمه السعوديون بخبث مقاصده قال بغباء : إن تعبير الأعراب لا يعتبر انتقاصاً لقد ورد بالقرآن الكريم .. لقد أبدى ابتسامة خبيثة تنبئ عن سوء مقصده .
انتبه محاوره السعودي وفي الوقت الذي أجزم أن الكثير من المشاهدين السعوديين كانوا يحتاجون من المحاور السعودي رداً معنفاً لهكذا لسان يحركه الحقد الأرعن , إلا أنه في حقيقة الأمر أعجبني هدوؤه وتأكيده على سلبية التعبير في كلمة الإعراب التي قصدها القرآن الكريم ولعل البرود وعدم الانفعال الذي أبداه المحاور السعودي مع تصويب نظرة دقيقة نحو النقاش كان محرجاً له إلى الحد الذي أجزم أن كل جهده بالحلقة قد ضاع سدى , وأن مركزه للبحوث والدراسات الإستراتيجية سيحتاج إلى تبديله بوجه أكثر كفاءة أو ربما أكثر غموضاً وإقناعاً .
لعل مراكز البحوث التي ستؤسس على التقوى والبحث عن الحقيقة ونشرها ستكون أكثر جدوى وأكثر نجاحاً ؛ أما المراكز التي ستقام على أهداف تشبه من أهداف مسجد الضرار ستهوي بأصحابها ولن يجدوا إلا خسارة الدنيا والآخرة , فالكلمة أمانة وشرف ومن باعها بثمن بخس فسيذهب جهده وماله وأجره كغثاء السيل .
د. صالح بن محمود السعدون
رئيس قسم الدراسات الإجتماعية
بجامعة الحدود الشمالية

964

الكاتب د.صالح السعدون

د.صالح السعدون

د.صالح السعدون مؤرخ وشاعر وأكاديمي / لدينا مدرسة للتحليل السياسي غير مألوفة..

مواضيع متعلقة

7 تعليق على “مراكز البحوث والدراسات الإستراتيجية .. وخدمة الأهداف السياسية ..”

  1. عبد الله (زائر)

    الأستاذ أنيس نقاش كلامه منضبط ومدروس ولا يتكلم على الخط الهميوني التآمري لذلك لم يروقك كلامه

  2. كنت أود ان ارى ردودا اكثر في الاعلام على الطرح الشعوبي للدكتور النقاش والذي يعرض بالعرب عند ادنى مناسبة والعرب هم هداة البشرية وناشروا الحق والاسلام من الصين الى ربوع الاندلس وحدود فرنسا وهم بحكم التاريخ احفاد الصحابة والفاتحين ولا يبغضهم الا منافق!

  3. د.صالح السعدون

    عزيزي الأستاذ عبدالله
    لو أننا نا قشنا الأمور بهدوء
    أولاً لفت نظري استخدامك لكلمة همايوني وردك المقتضب حتى كدت أتوقع أن الذي يرد علي هو أنيس النقاش نفسه
    كلمة همايوني ذات أصل فارسي اختلطت مع اللغة التركية وكانت تستخدم من قبيل " مرسوم سلطاني " أو مرسوم إمبراطوري " كناية على المراسيم التي تخرج من باب السلطان العثماني ..
    ولذا فلم أفهم كلمتك كأن تقول " لا يتكلم على الخط السلطاني التآمري "
    فالتآمر قصته غريبه وعجيبة فقد كان محمد علي باشا وحاكم بغداد وحاكم دمشق متآمرين على سعود الكبير إمام الدولة السعودية الأولى حين قام بمشروعه الكبير بتوحيد الأمة العربية بين عام 1808تقريباً و1818م
    فدعنا من الاستخوان لأن كل لديه ما لديه لأننا لو سألنا الأستاذ النقاش عن اعتراف رافسنجاني وشامخاني حول أن أمريكا لولا مساعدة إيران لما استطاعت أن تحتل العراق ولا أفغانستان
    هل ستقول أو سيقول هو أن هذا خط تآمري همايوني .. أم سيقول إن هذه أهداف الإستراتيجية الإيرانية في الكيد للأمة العربية منذ ألفي عام .. أم سيقول أن هذا ضد أمريكا وضد إسرائيل
    اطرح عليه هذا السؤال وإذا اعترف أن هذا الدور الإيراني تآمري وخياني فسأعترف أنني أخطأت في تقييمي للأستاذ النقاش
    أما أن أنيس النقاش كلامه مدروس فيأخي الفاضل والعزيز هذا كلام غير موضوعي .. بل هو متشنج إلى أبعد الحدود حين يرد اسم السعودية على لسان بن جدو ومعروف أن ميول بن جدو إيرانية شيعية انظر فقط إلى تقاسيم وجه النقاش تجده خرج عن طوره .. تشنجت عضلات وجهه بل يصل إلى حد عدم الإتزان واللعثمة إذا استفزته كلمة السعودية
    ومع ذلك أشكر لك ريادتك لهذا الموقع وأعتبر اختلاف رايي ورأيك لا يفسد للود بيننا قضية فأنيس النقاش رجل صاحب مركز يريد المال والربح وهو ليس بالنسبة لي محمد عليه السلام ولا بعلي بالنسبة إليك ومعذرة إن كنت قد أثرتك برأيي فنحن هنا نعتبر هذا مركز استراتيجي ولكنه حر بدون عوائد مالية ..
    دم على الود واعتبرنا إخوة في الله
    د.صالح السعدون [/color]

  4. د.صالح السعدون

    عزيزي زائر شكراً لك أن أدليت برأيك
    أشكرك على هذا الرأي الذي أشعرني أن هناك الكثير من المثقفين العرب من لا تنطلي عليهم مداخلات هؤلاء المتحذلقين كأنيس النقاش وأعترف أنه أول ظهوره كنت معجباً به وأستمع إليه حتى أنني أحياناً أرفع صوت جهاز التلفزيون حين أرى صورته ولكن مع الوقت بدأ يقلع القناع الذي كان يلبسه في بداية الأمر فسقط عندي كما سقط عبر الأمة العربية سقوطاً لا يمكن له أن يلمع نفسه .. حتى أنني غبطت المتحدث السعودي كيف تمكن من ضبط أعصابه أمام افتراءات هذا الرجل المتشنج
    بوركت يدك وكن معنا على الدوام
    د.صالح السعدون [/color]

التعليقات مغلقة