الشرق الأوسط بين سقوط حائط رفح وسقوط خط الحدود السورية اللبنانية ..
منذ أقل من عقدين سقط حائط برلين بين برلين الشرقية والغربية ؛ وكان هناك مستشار ألماني قوي تمكن من انتزاع موافقة دولية على توحيد ألمانيا التي أصبحت الآن دولة كبرى فاعلة في الاتحاد الأوروبي ؛ واليوم سقط حائط رفح بين رفح الشمالية ورفح الجنوبية , المفارقات كبيرة بين الحدثين ولعل أهمها أن الألمان إلى جانب الهجرة الهجومية على الغرب من المدينة
فقد كان هناك من ينتزع قطعاً من الحائط كذكرى أليمة لعهد انقضى وولى وربما لن يعود إلأى الأبد ؛ بينما هنا في رفح فالناس مختلفون فهم من ناحية لن يهاجروا إلى مصر ولا إلى رفح الجنوبية نظراً لما يمثله ذلك من تحقيق أماني الساسة الإسرائيليين الذين تمنوا لو يبتلع البحر غزة ومن فيها , ومن ناحية ثانية فالمستشار الألماني الذي يمكن أن يتخذ قرارات كبرى في الطرف المقابل غير موجود في حالة رفح ومن ناحية ثالثة فالناس هنا محتاجون للقمة العيش التي تقي أبناءهم حر الجوع وزمهرير البرد .

جميل جداً أن يحلم العرب ؛ ودعونا نحلم ؛ فالحدث الذي أصبح حقيقة هذا اليوم هو حدث لم يره العرب منذ عقود طويلة من المآسي , هو نصر شئنا أم أبينا , ولكن عملاء تل أبيب في رام الله وغيرها لن يجعلوا العرب يفرحوا كثيراً , سيخطفون ضياء عيوننا وأفراحنا , كما خطفوا مع باراك الضياء والغذاء من غزة , هم يعكفون بالتأكيد الآن على كيفية إفراغ الخطوة الشعبية الفلسطينية من محتواها , وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء ؛ كي لا يسجل التاريخ أن العرب يمكن لهم أن يصنعوا انتصارات , الطابور الخامس مستعد ؛ فهل ترى آن الآوان لقيادات العرب أن تصحوا قبل فوات الآوان لقد قال نصر بن سيار حاكم فارس وخراسان وهو يأمل من بني أمية أن يصحوا من غفوتهم الأخيرة التي لم توقظهم منها إلا المقابر :

أرى بين الرماد وميض جمر وأحج بأن يكون لها ضرام

أقول من التعجب ليت شعري أأيقــاظ أمـية أم نيــام

فإن أصبحوا وثووا نيامــاً فقل قوموا فقد حان القيام

يبدو أن عقارب الساعة تمضي إلى الأمام , والتاريخ بدأ يسجل تغيير مسار دفة باخرته نحو الغرب فقد أبحر طويلاً وكثيراً نحو الشرق ولا بد من الإستدارة على الغرب وإسرائيل دراسة خطواتهم مراراً وإعادة صياغة مخططاتهم واضعين في إعتبارهم المثل العربي الشعبي " يامقدم السبت تلقى الحد قدامك " بمعنى كونوا أكثر إنسانية في آخر لحظات توجيهكم للتاريخ لكي يرحم المنتصرون أبناءكم ؛ فشمسكم أفلت , وسفنكم بدأت تطوي أشرعتها , ولم يعد لكم إلا المصالحة مع الزمن والمستقبل , ومع أعداءكم الذين سحقتموهم حتى الثمالة .

لا تمضوا قدماً في مخططاتكم تجاه سوريا ؛ وانصحوا السنيورة والحريري أن يشتروا فللهم وقصورهم في ضواحي أسكتلندا فخطوتكم القادمة في سوريا قد تسقط الخط الحدودي بين سوريا ولبنان وإلى الأبد .

من الصعب التنبؤ بتداعيات سقوط حائط رفح ولكنه بمجرد حدوثه فهو أمر مبشر بكل خير .