صفقة القرن مالها وما عليها .. نقاش في التفاصيل 2/ 3:
صفقة القرن مالها وما عليها .. نقاش في التفاصيل 2/ 3:
كتب د. صالح السعدون
***************
سنناقش مختصر الخطة أو صفقة القرن بطريقة موضوعية من خلال تفسير النقاط الرئيسية في الاتفاقية، وبعيداً عن ثورجية الشاب الطائش طفل السياسة الكويتية مرزوق الغانم، وأي تصريحات ثورية لعملاء الاستخبارات الإسرائيلية من القيادات الفلسطينية الذين يطعنون بالشعب الفلسطيني بالسر ويتفاخرون بالغوغائية والثورية بالعلن، فالاتفاق سيوقع بين ثلاث جهات إسرائيل ومنظمة التحرير وحماس الموسادية، حيث ستنتهي المفاوضات بقيام دولة فلسطينية يطلق عليها “فلسطين الجديدة” تشمل أراضي الضفة الغربية وغزة وهي البقية الباقية من أراضي فلسطين التي سمحت سياسات القيادات الفلسطينية بالتهام فلسطين كلها إلا ما تبقى منها كما نراه، وستستثني الخطة من دولة فلسطين الجديدة المستوطنات اليهودية القائمة، وهنا يأتي الغموض، فمع المفاوضات يجب أن لا يتم الموافقة إلا بعد استعادة المهم من تلك المستوطنات والتي باستعادتها تصبح مصالح فلسطين الجديدة غير مهددة بالشكل الذي لا يرضي الشعب الفلسطيني، إذن فالخطة ليست قرآناً منزلاً بل إنها مجرد مبادئ عامة أساسية لبداية المناقشات، ولا يعني أن على الفلسطينيين الموافقة عليها كلها أو رفضها كلها.
وتتحدث الخطة عن أن إخلاء الأرض من الكتل الاستيطانية أمر غير وارد وفق الخطة حيث ستبقى المستوطنات كما هي بيد إسرائيل وستنضم إليها المستوطنات المعزولة وتمتد مساحة الكتل الاستيطانية لتصل الى المستوطنات المعزولة. وهذه النقطة ليست نصوصا مقدسة؛ بل يجب أن تخضع للمفاوضات والنقاش حيث سيستجد ظروف جديدة مع اعتلاء بوتين ليكون قيصر روسيا الأوحد وبعد انتصار الرئيس ترامب في انتخابات عام 2020م.
فيما يتعلق بالقدس ترى الخطة أنه لن يتم تقسيم المدينة، بل ستبقى مدينة واحدة يتعايش فيها الشعب الفلسطيني في أرضه وعاصمته، والسلطات الأردنية التي تدير المقدسات الإسلامية مع إسرائيل بعاصمتها التي تدعيها في القدس الغربية، ولهذا ستكون المدينة مشتركة بين إسرائيل وفلسطين الجديدة أي كل يحكم في المنطقة التي تخصه، ونلاحظ أنه منذ عام 1967 وهي خاضعة لإسرائيل كلها، ومنطق السلطة الفلسطينية بالقول إما تعطوني القدس كلها أو لن أقبل بجزء منها، وهذا نوع من العنت غير المقبول، فأنت لست قادر على القتال والحرب وأعجز من ذبابة فلا تظن أنك قادر على فرض نفسك في المفاوضات من منطق قوة، ولو أن الفلسطينيين قبلوا بقرار التقسيم عام 1947، لكانت 40% من فلسطين بيدهم الآن. فبالمفاوضات والضغط الشعبي المحافظ على المقدسات يمكن تغيير الشروط التي نسجت في هذه الخطة، الخطة تتجه أيضاً لترتيب مواطنة الشعب الفلسطيني فبدلا من وضعهم الحالي كإسرائيليين أو يحملون الجنسية الإسرائيلية؛ سينقل السكان العرب ليصبحوا سكانا في فلسطين الجديدة، بحيث تسحب منهم الجنسية الإسرائيلية ولن يبقوا إسرائيليين.
وبالطبع بذكاء الصهاينة، تضع الخطة مسمار جحا فيما يتعلق بإدارة بلدية القدس التي أريد لها أن تكون شاملة ومسؤولة عن جميع أراضي القدس باستثناء التعليم الذي تتولاه فلسطين الجديدة، وفلسطين الجديدة هي التي ستدفع لبلدية القدس اليهودية ضريبة الارنونا والمياه. هذه النقطة مجحفة في حق الشعب الفلسطيني، لأن الوضع الطبيعي أن تكون هناك بلديتين: واحدة إسرائيلية تتبعها كل شبر تحت السيادة الصهيونية وأخرى عربية إسلامية يتبعها كل شبر إسلامي/ مسيحي خاضع للسيادة العربية؛ بما فيها المقدسات التابعة للإدارة الأردنية أمنياً إلا أنها تتبع للسلطة الفلسطينية كما يجب أو يفترض أن تنتج عنها المفاوضات، وأن تكون عائدات الضرائب للسلطة الفلسطينية ولا تتبع إدارة الأردن الفاسدة ولا السلطات الصهيونية، وتتجه الخطة لذر رماد بالعيون وكأنما هي متعادلة وعادلة حين تقول”كما انه لن يُسمح لليهود بشراء المنازل العربية، ولن يُسمح للعرب بشراء المنازل اليهودية. لن يتم ضم مناطق إضافية إلى القدس. ستبقى الأماكن المقدسة كما هي اليوم”.
هكذا هي المفاوضات، ففي وقت كانت الصهيونية تدير العالم منذ تأسيس النظام الدولي الجديد في عام 1776م، ومن قبلها الاتحاد الاقتصادي للسيطرة على العالم في 1773م، فضلاً عن قيادة حكومة العالم السرية في أسبانيا قبل سقوط غرناطة، وفي بولندا قبل سقوط بولندا عام 1772م على يد الإمبراطورة كاترين الثانية الكبيرة، فضلاً عن تأسيس جمهورية هولندا من قبل اليهود وممارسة السياسة الدولية وفق فنون السياسة والقانون ولهذا فالصهيونية مبدعة جدا في السياسات الدولية على عكس الفلسطيني الذي كان قد أجر عقله كبقية الشعوب العربية للعقل التركي الجامد وبقي لا يعي من فن السياسة والتفاوض إلا حد الصفر، لذلك انتصر الصهاينة في كل المحافل الدولية بينما بقي الفلسطيني أسير الشعارات الثورية بدون جدوى.
على الفلسطينيين أن يمارسوا عقلانية أكثر وهم مؤمنين بما يلي:
1-أن دولة بني صهيون زائلة لا محالة فيما بين آخر عام 2021و أوائل عام 2022م ولن تتأخر عن ذلك إلا لقدر أو بقدر إلهي.
2-أن عليهم استغلال وجود تبدل السياسات الدولية فبريطانيا وأمريكا تشهدان تغييرات كبرى مذهلة بفراقهم الطوعي عن الخضوع للسياسات الصهيونية حيث جونسون غير ماي، والرئيس ترامب رغم تغيره 100 درجة عن سابقيه إلا أنه سيفصح أكثر عن سياساته بعد عام 2020م ، وقد سمع العالم كله تصريحاته وهو يقول أنا أكرهكم وأعلم أنكم تكرهوني لكنكم مجبورين على التصويت لي.
3-استغلال هذه السنوات الأربع لتحقيق مكاسب اقتصادية للشعب بعد أن شبع السياسيون من السرقات والنهب حد التخمة، ورفع مستوى الشعب الفلسطيني الاقتصادي مؤقتا استعدادا لمرحلة كمرحلة سقوط الفصل العنصري في أفريقيا الجنوبية وانتخاب مانديلا رئيسا ل تلك الدولة.
4-أن تعمل الطبقة السياسية الفلسطينية على إصلاح الوضع السياسي الفلسطيني قبل أن يعلقوا بالمشانق قريبا جداً أو يجرجروا في المحاكم والسجون.