مد خطوط السكك الحديدية عبر الوطن . قرار سياسي حكيم ..
مد خطوط السكك الحديدية عبر الوطن . قرار سياسي حكيم ..
ومن جهة أخرى نمتلك قوة لا يلحظها كثيرون وهي أن بعض وزراءنا كوزير المالية ووزير المواصلات وغيرهم يمتلكون علاقات رهيبة رهيبة مع بعض أركان وأدوات النظام الدولي الجديد كالبنك الدولي ومؤسسة النقد الدولي وغيرها حيث بعضهم عمل بتلك المؤسسات ؛ مما يمكنهم بالتفاوض مع تلك الجهات لتذليل الصعوبات إن وجدت من أجل تسجيل نجاحات وطنية كبرى في هذا القطاع الهام من جهة وتسجيل نجاحات شخصية لوزير المالية ووزير المواصلات بأنهم عملوا أكثر ممن سبقوهم ,مد خطوط السكك الحديدية عبر الوطن . قرار سياسي حكيم ..
خطوط السكك الحديدية .. كما لو يكون هناك قرار دولي بتحريمها على الأرض العربية , قبل قرن من الزمان كان هناك سلطان مسلم طموح هو السلطان عبدالحميد الثاني العثماني يسيطر على منطقة الشرق الأوسط بأجمعها , ورغم أنه كان حاكماً مركزياً إلا أنه حاول تطوير البلاد العربية وتركيا بكل عناصر الحداثة التي لا تنقطع مع الأصالة , فأوجد برلماناً في شيء من العصرية وإن لم يكن متكاملاً لكنه كان نقلة كبرى , وأوجد تحديث لبعض الأنظمة الإدارية التي تتلافى رغبات الدول الإستعمارية إحداث تغييرات على البنية الإقليمية لبلاد الشام عامة وفلسطين خاصة , كما قرر أن يضع سكة حديد الحجاز من جهة مربوطة باستانبول , وسكة حديد برلين – استانبول – بغداد من جهة أخرى بحيث يكون العالم العربي في متناول أي بقعة في العالم المتحضر وسيكون ارتباطه بالعاصمة الألمانية التي تعتبر حاضنة الشراكة السياسية والاقتصادية والثقافية والحضارية مع العالم العربي منذ شارلمان أيام هارون الرشيد مروراً بفريدريك الثاني أيام الحروب الصليبية ووليام الثاني قبيل الحرب العالمية الأولى , وحتى هتلر في العصر الحديث .. ووصولاً إلى الشراكة الإقتصادية المنتظرة خلال عشر السنوات القادمة مع العالم العربي لتغيير موازين السياسة والاقتصاد في العالم إن شاء اه .
كانت الشركات الألمانية هي رائد صناعة القطارات العربية وسكك الحديد العربية , وهي الحاضنة لتطير وتقدم العرب , ولكن كان اليهود والإنجليز والفرنسيين الأعداء الحقيقيين لتطور الأمة العربية لنا بالمرصاد , فأول ما عارضت الدولتان سكة الحديد إلى بغداد , ثم عارضتا سكة الحديد الحجازية التي ستسهل وصول الحجاج للحرمين الشريفين , ثم فاوضوا أحرار العرب الذين انضم لهم معضم الماسونيين العرب للثورة ضد الأتراك , الذين خطط اليهود لتدمير سلطنة السلطان عبدالحميد الثاني وتسليم الحكم لحزب تركيا الفتاة التي قامت بمحاولة تتريك العرب , فأصبحت أهداف تدمير السلطنة العثمانية مشتركة بين أحرار العرب وأحرار الأتراك , وقامت الثورة العربية بقيادة الشريف حسين بن علي , وقام عميل الاستخبارات الإنجليزية الذي كان يقدم المشورة لجيش الثورة العربية بتلغيم وتدمير سكة الحديد الحجازية , في عام 1916م , وظلت الدول العربية تعاني من صعوبة الاتصال فيما بينها وبين بعضها البعض , وفي حدود عام 1970م ظهرت دعوات عربية سورية ولبنانية وأردنية لإحياء سكة حديد الحجاز , وبعد محادثات روتينية بين وزراء المواصلات العرب استمرت لسنوات قليلة توقف المشروع فيما يبدو تحت ضغوط الخلافات العربية – العربية والضغوط الغربية البريطانية والفرنسية والأمريكية واليهودية , واستمر تحريم استخدام القطارات على الأمة العربية , إلا هنا أو هناك في داخل الأقكار العربية كقطار بالعراق قديم جداً وقطار الدمام الرياض بالسعودية وقطار على ضفاف النيل بمصر وتونس والجزائر ؛ بل إن القطار بين الجزائر والمغرب كلما همت الدولتان بافتتاح خطة صدرت الأوامر إليهما بإغلاقه . وهكذا فقد حرم على القطارات العربية أن تتصل بعضها البعض من خلال محطات قطارات مشتركة يتنقل بها المسافرون العرب تسهيلاً للتواصل العربي ودعماً لآمال وحدة عربية ليست موجودة إلا في بطون الكتب .
إذا كانت خطة الغرب بمعاداة خطوط السكك الحديدية العربية خوفاً من أن تدعم هذه الخطوط الحديدية مسألة الوحدة العربية ؛ فإن هذا لم يأت من فراغ ؛ بل جاء من عبرة تاريخية أليمة للغرب , فالعرب هم تماماً مثل الألمان وما أشبه الشعبين ببعضهما , وقد قامت وحدة ألمانيا من عناصر متعددة أهمها 1) خطوط السكك الحديدية الألمانية التي أوجدت سرعة لتحركات الجيش الألماني في القضاء على المناهضين للوحدة الألمانية وأولها الإمبراطورية الفرنسية حيث هزم الجيش الألماني الجيش الفرنسي وفرض الوحدة الألمانية على فرنسا والمجتمع الدولي من قصر فرساي بباريس عام 1870م . 2) الرغبة المؤكدة كحلم للشعب الألماني بالوحدة والتي تجلت في وحدتيه الكبيرتين عام 1870م وعام 1991م . 3)وجود زعماء كأبطال في الأمتين الألمانية والعربية ينقاد لهم شعبي الأمتين كبسمارك ووليام الثاني وهتلر في ألمانيا , والملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود والملك فيصل رحمهم اه وعبدالناصر وصدام وغيرهم ممن يجتذبون الالتفاف الجماهيري ليس في بلدانهم فحسب وإنما في بلدان عربية وإسلامية أخرى .
وكما أن الخطوط الحديدية تشكل عاملاً مساعداً في منع الوحدة الإقليمية أو الوطنية أو تسهيل التنقلات الشعبية والتجارية والبضائع , فإنها تشكل خطراً على نخططات الغرب المستقبلية في تقسيم الأقطار العربية , لأن الوطن العربي الذي تخترقه الخطوط الحديدية في كل مناطقه وأقاليمه يسهل على الجيش الوطني والحرس الوطني أن ينتشر في أي بقعة من أرض الوطن خلال إثني عشر ساعة قبل أن يبدأ الغزو الخارجي أو التمرد المفتعل من الخارج , بينما قد يساهم عدم وجود سكك حديدية في الوطن في تعطيل جهود عمليات الدفاع عن الوطن , ومن هنا يحرص العدو الحقيقي للأمة على عدم السماح للأوطتان العربية بمثل هذه السكك التي تزيد من تماسك تلك الأوطان ودوام وحدتها .
من هنا جاءت خطورة وجود السكك الحديدية العربية على مخططات الغرب , واعتبرت هذه المسألة خطاً أحمراً لايمكن الإقتراب منه تماماً مثل الهيئة العربية للصناعات الحربية ( السعودية والإمارات ومصر ) , وصناعات السيارات العربية وغيرها .
في العهد السعودي الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك عبداه بن عبدالعزيز آل سعود حفظه اهال بدأت وزارة المواصلات عهداً جديداً للسكك الحديدية , فخط الرياض – حائل – الجوف حزم الجلاميد – الحديثة , من أهم منشآت السكك الحديدة في هذا العصر , ثم يتأتي سكة حديد قطار الحرمين بين مدينة الملك عبداهرد الاقتصادية ورابغ والمدينة المنورة وجدة ومطار الملك عبدالعزيز بجدة ومكة المكرمة ؛ ليساهم في تطوير حركة المواصلات والنقل بالمملكة العربية السعودية نقلة كبرى ؛ وفي الحقيقة كل هذه الجهود الكبيرة والصغيرة في نفس الوقت لا تكفي ؛ ونقول كبيرة قياساً بانعدام أفق الأمل بوجود مثل هذه المشاريع وصغيرة لأننا نعلم أن حاجة البلاد السعودية وكذلك العربية إلى ما هو أضعاف هذه المشاريع بمراحل , ولعلنا لانحتاج إلى قوة عسكرية لفرض مثل هذه المشاريع على الغرب ؛ بقدر ماهو استغلال الطفرة المالية لتحديث هذا القطاع من جهة ؛ ومن جهة أخرى نمتلك قوة لا يلحظها كثيرون وهي أن بعض وزراءنا كوزير المالية ووزير المواصلات وغيرهم يمتلكون علاقات رهيبة رهيبة مع بعض أركان وأدوات النظام الدولي الجديد كالبنك الدولي ومؤسسة النقد الدولي وغيرها حيث بعضهم عمل بتلك المؤسسات ؛ مما يمكنهم بالتفاوض مع تلك الجهات لتذليل الصعوبات إن وجدت من أجل تسجيل نجاحات وطنية كبرى في هذا القطاع الهام من جهة وتسجيل نجاحات شخصية لوزير المالية ووزير المواصلات بأنهم عملوا أكثر ممن سبقوهم , ومن جهة ثالثة لتكتمل صورة صورة البناء والتقدم في وطننا الحبيب في عهد خادم الحرمين الشريفين وولي عهده والنائب الثاني رعاهم اه من أجل قفزة ووثبة جديدة للوطن في طور من أطوار تقدمه إن شاء اه .
نحن بحاجة إلى شبكة أخرى تربط سكة الحديد بالرياض باتجاهين الأول إلى الحجاز حيث الإقليم الحيوي والصاناعة والسياحة والحج , والثاني نحو الباحة وبيشة وعسير وجيزان ونجران حيث السياحة التي تمكن حتى مواطني الخليج العربي من السفر عبر سكة الحديد تلك , أما الثانية فهي ربط الحديثة بتبوك بجدة ومكة ثم ربطها بالطائف وعسير بسكة أخرى لتكون بلادنا كأوروبا , يجب ألا تكون الجدوى الاقتصادية هي المحرك لمثل هذه المشاريع فقد ضاع بالفساد المالي ترليونات الريالات , فلا بأس أن نضع عدة مليارات في هذه المشاريع الإستراتيجية التي ستبقى فوائدها عبر القرون للأجيال القادمة إن شاء الله .
د.صالح السعدون .[/
face]