قادة التربية والتعليم .. إما العطاء وإما الاستقالة!ا
نداء ساخن لقادة التربية والتعليم .. في بلادنا .. من كان منكم غير قادراً على العطاء .. فليقدم استقالته فعلياً
· العالم يمضي قدماً نحو علوم الفضاء .. ونحن لازلنا نقف عند الأسس والمبادئ
· الإدارة التعليمية بمستوياتها الثلاث العليا والوسطى والدنيا مسئولة عن الفشل والشلل
أعلن تقرير للبنك الدولي أن التعليم بالعالم العربي يتراجع , ودعا إلى إصلاحات عاجلة لتحسين التعليم في العالم العربي , وأن الأردن يحتل المركز الأول بالتعليم على مستوى
أربعة عشر دولة عربية وهو أفقر دولة تعتبر بلا موارد , بينما تحتل الممكة العربية السعودية المركز العاشر وهي أغنى دولة بالعالم العربي على الإطلاق .
حين يقف مسئولو التربية والتعليم أمام ولاة الأمر فإنهم لا يملوا من التنويه والتذكير بأن الدولة أعزها الله تصرف على التعليم أكثر مما تصرفه أي دولة أخرى في العالم , وفي الوقت الذي يعلم ولاة الأمر يحفظهم الله كم يبذلون كرأس للدولة على جهاز التعليم ؛ فإن الذين يحتاجون إلى أن يتذكروا هذه الحقيقة هم مسئولو إدارة التربية والتعليم العليا أكثر من أي جهات أخرى .
لو كنا في دول متقدمة من الناحية الفكرية لرأينا رؤوس الإدارة التعليمية والتربوية العليا والوسطى – بعد هذا التقرير – يقدمون استقالات فعلية لا ” إعلامية ” من مسئولياتهم ليجد الوطن غيرهم من أبنائه من هم أكثر قدرة على الإنتاج والعطاء للوطن .
وقد مضى العقد الماضي والحالي ونحن نعتقد أننا قد حققنا تجربة تعليمية ناضجة وحقيقية وقفزات تطويرية نحسد عليها , وحين نرى كم صرفت الدولة – أعزها الله – على التعليم قد يحسدنا الآخرين , ولكن حين نأتي للنتائج فإن هناك من يلجأ لقضم الأصابع وهناك من يخشى من سخرية الآخرين .
آن الأوان أن نصرخ عالياً ؛ ونقول لكبار مسئولي التعليم ( معظم رجال الإدارة التعليمية العليا الفاعلين والمسئولين عن هذا الفشل ) ومعظم مديري التعليم وفرق العمل لديهم ( في الإدارة الوسطى ) ومديري المدارس ( في الإدارة الدنيا ) : إن الوطن والتربية والتعليم ليس مختبر تجارب , وأجيال الوطن ليسوا لعبة نلعبها على مهل وتروي في هذا الزمن السريع والمتغير , وإن إدارتكم لشئون التربية فيما يخص التغيير والتطوير والسباق مع الأمم ؛ والتي فاقت السلحفاة في بطئها ؛ هي السبب الأكبر في تأخر المملكة في هذا المجال الحيوي الذي نعلم جيداً أن قادة هذه البلاد أعطوه الأولوية القصوى ؛ ولعل الحقيقة الكبرى التي لا يعلمها الكثيرون أن مؤسس بلادنا الكبير والدنا عبدالعزيز طيب الله ثراه حين افتتح أول مدرسة نظامية في الحجاز هي دار التوحيد أمر بالتعليم الإجباري للصبية فكان يُخطف الفتيان من قرى ومدن نجد وغيرها بأمر الدولة ويرسلوا بكامل عناية الدولة في بعثات داخلية راشدة من نجد إلى الحجاز وكان أولئك التلاميذ هم من قادوا الحركة التعليمية والفكرية والإدارية والثقافية في بلادنا .
إننا يعتصرنا الألم ونحن نرى أن واحدة من أفقر الدول العربية هي الأردن الشقيق وعلى قلة ما تصرفه تلك الدولة على شئون التعليم قد حصدت من النتائج ما عجز مسئولي التعليم لدينا عن تحقيقه ؛ وأن الفارق بيننا وينهم شاسعاَ ؛ فقد حصلوا على المركز الأول من عشرة (1من 10) بينما حققنا الرقم الأخير من العشرة (10 من 10).
لا شك أن من عاصر وزارة التربية والتعليم خلال العقدين الماضيين يرى أنها تعيش زمن سباتها في هذه السنوات القليلة الأخيرة ؛ ومن يريد أن يختبر مصداقية تقريرالبنك الدولي ؛ عليه فقط أن يزور دهاليز الوزارة زيارة عادية وسيدرك كم هي أصبحت تغط في نوم عميق .
الزمن يجري بسرعة أكثر من سرعة الصوت , ويتغير أمام عيوننا , والتاريخ يعكس مساره من الشرق إلى الغرب , ولعل المؤرخون والسياسيون يدركون أن أمة العرب قد آن أوان استعادتها لمكانتها بين الأمم خلال العقود القادمة , وأن دولتنا يجب أن تكون في طليعة الدول العربية والإسلامية لقيادة الأمة , وأن المحيط الإقليمي يتطور أكثر من تطورنا ويتقدم علينا بعقود , فهذه الكويت تحصل على المستوى الثاني بالتعليم بالمنطقة , وهذه هي الإمارات العربية المتحدة تتقدم إقتصادياً على محيطها , وتلك إيران تتقدم سياسياً وتقنياً وعسكرياً على المستوى الإقليمي , ودولتنا أعزها الله أعطت الوزارات والأجهزة كل ما تطلبه وأكثر ؛ بينما مسئولي تلك الأجهزة لم يبلغوا طموحات شعبهم فضلاً عن أنهم غير قادرين على تحقيق طموحات قيادتهم أعزها الله .
في الوقت الذي يتقدم جيراننا إلى الفضاء الخارجي والأقمار الصناعية ؛ نقف نحن على مستوى الأسس والمبادئ والإدارة , فما زلنا نترك كل شيء للقيادة الفردية الشخصية ؛ فإن كان الإداري الفرد ناجحاً نجح العمل وإن كان فاشلاً فشل العمل كله , نحن بحاجة إلى العمل المؤسسي المنظم لكي لايكون فشل المسئول الإداري بالإدارة الدنيا ( المدرسية ) يدفع ثمنه الطلاب والعمل التربوي والتعليمي , ولكي لا يكون فيه فشل مديرعام التعليم وعجزه الإداري فشلاً تدفع ثمنه المدارس والمدرسين والعملية التربوية بهذه المنطقة أو تلك , ولكي لا يكون فشل الإدارة التعليمية والتربوية العليا ( الوزارة ) فشلاً يدفع ثمنه تقدم الوطن ورفاهيته فضلاً عن قدرته في مواجهة أعدائه في المستقبل القريب والبعيد , وقد قدمت وزارة التربية والتعليم البريطانية تقريراً للبرلمان عام 1997م كان يركز في مبدأه الخامس على عدم التسامح مطلقاً في حالة سوء الآداء , فـ ” هدفنا التفوق للجميع ” و ” لا مناص على الإطلاق من وضع حد للفشل المستمر “, كما ركز التقرير إلى أن التغيير يجب ألا يكون صورياً – كما يحدث في بعض التغييرات التي تجريها وزارتنا في الإدارة التعليمية الوسطى .
وفي الحديث الشريف يركز عليه الصلاة والسلام في التدقيق والتحري في اختيارات القيادات , فقال صلى الله عليه وسلم : (( من ولي من أمر المسلمين شيئاً فأمَّر عليهم أحداً محاباة فعليه لعنة الله لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً حتى يدخله جهنم ..)) أخرجه أحمد .
إن وجود المسئول الفاشل العاجز عن الإبتكار والعاجز عن دفع العمل التعليمي والتربوي نحو خدمة الوطن في كل المجالات الصناعية والعلمية والإنتاجية و… وحتى إيجاد الكفاءات الإدارية والوظيفية , لأمر يستدعي أن نوقف ذلك المسئول للمساءلة والمحاسبة , فالوظيفة ليست ملكه , والعمل ليست مؤسسته , يقول المثل التربوي (( أعطني مديراً .. أعطك مدرسة )) فشخصية المديرغالباً ما تحدد الفرق بين ” النجاح والفشل بالنسبة للمدرسة ” وأن التأكد من نجاح مدير المدرسة وكذلك مدير التعليم في عمليهما يجب أن يكون له ” الأولوية الرئيسية ” من الاهتمام بالنسبة للوزارة ومن المهم أن تكون إجراءات التقويم لهذين العملين القياديين سريعة وصارمة , فالقائد التربوي هو المحرك الأساسي للعمل سواء كان في الإدارة التربوية المدرسية (الدنيا ) أو التعليمية ( الوسطى ) أو العليا في الوزارة , ومن هنا فقد ركز التقرير الذي أشرنا إليه أعلاه ؛ إلى حد ” إغلاق المدارس الفاشلة أو ربطها بمدير مدرسة أخرى ” سجل تميزاً بالإدارة التربوية , فكما أن من مسئولية مدير عام التعليم معالجة مشاكل المدارس الضعيفة , وإبعاد قياداتها الفاشلة , فإن مسئولية الوزارة أن تعالج مشكلة إدارات التعليم الفاشلة فوراً دون أن تنتظر سنوات طويلة وهي ترى الفشل أمام عيني مسئوليها الزائرين لتلك المنطقة , بل يجب أن تتدخل لمعاجة وضع المدارس الفاشلة إذا عجز مسئولي التعليم بالمنطقة عن معالجة الإدارات المدرسية فيها , لأنه يجب تقليل الضرر الذي سينتج عن استمرارهم على الطلاب .
آن الآوان لتغيير شامل في التعليم يطال القيادات الحالية على كافة المستويات ؛ ويجب أن يتدخل مجلس الشورى لمساءلة مسئولي التربية والتعليم عن هذا الفشل الذي سيكون له دوياً على مستوى العالم ؛ بحيث يمكن من خلال هذا التغيير أن نعطي دوراً للشباب في تسنم القيادة والتطوير والتحديث التي ينشدها قادة بلادنا وشعبنا على حد سواء , وفي الشباب وأركز على عنصر الشباب الكثير من الخير ففي نواصيهم – المخلصين منهم لله ثم للوطن وقادته والمتسلحين بالعلم – الخير العميم لبلادنا إن شاء الله .