نحو إشراف تربوي فعال 2/6

مفهوم وأهداف الإشراف التربوي
المشاركة بالتخطيط التربوي بين المشرف والمعلم ومدير المدرسة وبأسلوب ديموقراطي هي أساس النجاح بالعملية التعليمية والتربوية

د. صالح السعدون
ما من شك أن القليل فقط من المشرفين التربويين العاملين بالميدان هم المتمكنين من أعمالهم كما ينبغي أن يؤدوها ؛ ولعل المشرف التربوي يتلخص محتوى عمله على الأعمال والمهام التالية :
أ‌) مساعدة المعلمين على فهم شامل للعملية التعليمية والتربوية التي يقومون بها ؛ ليس فهماً آلياً فحسب ؛ وإنما فهماً مدفوعاً بالإيمان والإخلاص الذي يدفعهم في آداء تلك المهمة النبيلة والتفاني في القيام بها وأن يروا غايات التربية الحقيقية من خلال إدراك ما تقوم به المدرسة من دور متميز في تحقيق تلك الغايات والأهداف , بحيث يعود كل ذلك على النتاج المنتظر للتلاميذ نحو اندماج إيجابي بطموحات المجتمع بشكل عام .
ب‌) مساعدة المعلمين على فهم الأهداف التربوية ومراجعتها وتطبيقها معهم ومناقشتهم فيما يكتبونه بدفتر التحضير ومقارنتها بالأهداف التربوية لذلك الدرس ؛ ولعله يدخل في ذلك أيضاً حثهم على مراجعة مستمرة لأهداف وسياسة التعليم بالمملكة العربية السعودية ؛ لينطلق المعلم من خلال ذلك الفهم والإدراك نحو تحقيق تلك الأهداف من خلال المنهج المدرسي .
ت‌) مساعدة المعلم على وضع الخطة السليمة لآداء الدرس على أسس علمية ؛ إلى جانب أهمية مناسبتها للموقف أو الدرس الذي توضع تلك الخطة من أجله ؛ أو كما أسمته وزارة المعارف ” أن الإشراف التربوي خدمة فنية تقوم على أساس من التخطيط السليم الذي يهدف إلى تحسين عملية التعليم ” (1).
ث‌) المساعدة في وضع برامج وأساليب النشاط التربوي المصاحب لكل موضوع من المنهج بحيث تكون قادرة على إشباع ميول وحاجات المتعلمين , على ألا يقتصر دور المشرف التربوي في هذا المجال على النظر إلى خطط النشاط التربوي ثم تقويمه والانصراف وكأن عمله يعتني فقط بوضع درجة لعمل المعلم ؛ ولعله هنا لابد من ملاحظة قدرة المعلم على ربط مادته ببقية المواد وكذلك انسجامها مع جميع جوانب المنهج المدرسي سواء كانت خبرات علمية أم عملية أو نظرية أم نشاطاً وحركة .. بل وحتى بالمرحلتين التي قبلها أو بعدها .
ج‌) المساعدة على فهم أفضل من قبل المعلمين على استخدام أفضل وسائل التعليم وطرائق التدريس وأدواته لكل جزئية من جزئيات المنهج ؛ وحل كل المشكلات التي تواجه المعلم في هذا الشأن من حيث مناقشة إدارة المدرسة أو قسم الوسائل التعليمية أو غيرها لتوفير اللازم منها ؛ إلى جانب تدريبهم على نوعيات جديدة لطرائق التدريس من خلال تحضير درس نموذجي من قبله أو من قبل معلم مميز بتلك الطريقة , أو من خلال توفير بعض البرامج التدريبية من خلال (CD) أو خلافها , في هذا الجانب على المشرف التربوي أن يعطي عناية خاصة للمعلم في التفريق بين الأهداف والوسائل ؛ تلك الأهداف التي تسعى المدرسة من خلال نشاطها العلمي والتربوي لتحقيقها وبين تلك الوسائل التي تهدف إلى تحقيق تلك الأهداف .
ح‌) المساعدة على تقويم العملية التعليمية على أسس سليمة ؛ وفي حالة وجود خلل ببناء الاختبارات والتقويم لدى المعلم ؛ فمن الواجب مساعدته من خلال مختلف الأساليب التربوية سواء كان من خلال دورات تدريبية أو ورش عمل أو زيارة معلم زميل ممتميز بهذا المجال وغير ذلك من الأساليب الإشرافية .
خ‌) المساعدة على تنمية المعلمين لأنفسهم ذاتياً و الإشراف على هذا النمو فردياً أو جماعياً للرقي بمستوى الآداء بالعملية التربوية والتعليمية , أو ” تحقيق فرص تعلم مناسبة للطلاب وفرص نمو لسائر الأطراف ” (2).
ولعل ذلك كله لا يتأتى للمشرف من خلال زيارات عمل روتينية صرفه يزور فيها المعلم بالفصل ويسأل التلاميذ لقياس مستوى التحصيل العلمي ثم يطلع على الأعمال الكتابية فقط من أجل تعبئة الاستمارة التقويمية للمعلم ؛ وإذا كان من المهم أن يقوم المشرف بهذه الأشياء فإن الهدف في ذهنه يجب أن يكون شيئاً أكبر من مسألة التقويم ولعل الأهداف المتطورة من جراء كل ماسبق هو أن تكون أهدافه وفق ما يلي : ” 1) رصد ” الواقع التربوي ” بالمدرسة من خلال المادة التي يشرف عليها المشرف , وتحليل هذا الواقع من خلال معرفة الظروف المحيطة به (3) , من أسلوب الإدارة المدرسية وواقع المعلم كونه قديم يستخدم الأساليب التقليدية أو متجدد يحب التطوير والتجديد في أساليبه , ومن خلال الإمكانيات والتجهيزات والوسائل والتقنيات التعليمية بشكل عام ومدى توفرها ومدى ملاءمة وضع الفصول وإمكانية استخدام تلك التقنيات من حيث واقع المبنى المدرسي , بما يمكِّن المشرف والمعلم من وضع الخطط اللازمة لتطوير واقع العملية التعليمية والتربوية من خلال عملية الرصد للواقع التربوي بالمدرسة .
2) تخصيص حيز من وقت الزيارة للمشرف لتلك المدرسة للقيام بعملية بناء الخطة التطويرية للعمل على الرقي بالعملية التعليمية والتربوية للمادة في هذه المدرسة وفق ما ذكرناه أعلاه ؛ بحيث يتم فرز النقاط الإيجابية ( نقاط القوة للعملية التعليمية ) للتأكيد علي الحفاظ عليها وتطويرها , والنقاط السلبية ( نقاط الضعف ) لوضع خطة مشتركة مع المعلم ومدير المدرسة بحيث يعلم المعلم أن دوره في بناء تلك الخطة ليس نقدها أو الاعتراض على جزئياتها ؛ وإنما المساهمة في بنائها وفهمها من خلال طرح الأسئلة لاستيعابها وتطبيقها وذلك ” لأهمية تحقيق مبدأ مشاركة العاملين في ميدان التربية في التخطيط التربوي وفي عملية صياغة القرارات التربوية , ولما للمشاركة من دور فعال مباشر وأساسي في تخطيط وتنظيم وإدارة وتطوير العملية التربوية ” (4) , أضف إلى ذلك أن إدارة المدرسة والمعلمين سيكونون أكثر تفاعلاً لتطبيق الخطة حين يشاركون في بناء تلك الخطة التي سيكون إيمانهم بها مبني على فهم عميق لتفاصيلها ؛ ولعله من المهم أن يكون المشرف التربوي يتحلَّى بالديموقراطية والقدرة على إدارة الحوار والإقناع لكل التفاصيل التي يرى كمتخصص ضرورة إدراجها ضمن تلك الخطة ؛ كما يكون مدير المدرسة حاضراً ومشاركاً في بناء تلك الخطة من أجل متابعتها والإشراف على تطبيق المعلم / المعلمين المعنيين بالمدرسة لها ؛ من خلال موقع مدير المدرسة ليس كمدير بل من خلال موقعه كمشرف مقيم بالمدرسة .

د.صالح السعدون

(1) دليل المشرف التربوي , وزارة المعارف , الإدارة العامة للإشراف التربوي , الطبعة الأولى , ص35
(2) د. محمد حامد الأفندي , الإشراف التربوي , مكتبة الفلاح , الكويت , الطبعة الأولى , 1401هـ /1981م , ص17-18 , ص23 , ص25 ؛ محمد صالح المنيف , نظام التوجيه التربوي في المملكة العربية السعودية بين التطوير والتقويم دراسة ميدانية , مطابع البكيرية , الطبعة الأولى , 1409هـ , ص 60-61 ؛ دليل المشرف التربوي , المرجع السابق , ص 35
(3) المرجع نفسه , ص40
(4) مكتب التربية العربي لدول الخليج , مشاركة التخطيط في التربية , الرياض , 1403هـ /1983م , ص5

حقوق الفكرة محفوظة لصاحبها د. صالح السعدون

780

الكاتب د.صالح السعدون

د.صالح السعدون

د.صالح السعدون مؤرخ وشاعر وأكاديمي / لدينا مدرسة للتحليل السياسي غير مألوفة..

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة