الذكرى ناقوس يدق على مدى الحياة …هي ملفات مخزنة بالذاكرة .. تكون ماشياً أو جالساً .. وفجأة يفتح كمبيوتر الذاكرة شاشة أو نافذة ( ووندو ) على ذكريات بعينها فتطرب أو تحزن ثم تشطب ذلك الملف وتفتح آخر .. وتسير بك الذكريات إما إلى جو سعيد أو آخر مغاير ..
للشاعر الدكتور / صالح السعدون نوافذ على ملفات قديمة
(بيت الحب الأثري)
((1))
وحين أكونُ وحيداً
أعود إلى الذكريات
شريطٍ طويلٍ..
أرى فيه بؤسي ..
وبعضَ ترفْ
أعرِّجُ فيه إليكِ
وأفتحُ باباً قديماً ..جديداً
بقصرٍ منيفٍ..جميلْ
وعهدٍ سلفْ
وأدلفُ..أخطو ببطءٍ
لأقرأَ كلَّ السطورْ..
وأعبرَ عِبْرَ العصورْ..
وعبرَ الصورْ
لتلمسَ عيني برفقٍ
خطوطَ الهدايا..
وتمسحَ أنفاسيَ المتعبةْ
غبارَ المرايا..
غبارَ التحفْ
* * *

((2))
فأقرأَ في كلِّ شبرٍ
حكايةَ ليلٍ جميلٍ
وأفتحُ فيه ..ملفاً
أطالعُ فيه.. الأماني
أراجعُ فيه.. الثوانيَ
وساعاتِ حب ٍ
عميقٍ ..عتيقٍ
وكيف التقينا..
وكيف ضحكنا..
أكلنا..عدونا..
لعبنا..
هناك تعبنا..
هناك ندمنا..
بكينا..ودمعٌ ذرفْ
فأطوي الملفْ
وأفتحُ آخرْ..
* * *
((3))
فأنظر فيه التصاويرَ تحكي
طيوراً ..وورداً
وواحاتِ عشقٍ..
وترنيمَ بلبل
حواراً جميلاً..
.. طويلْ
وشعراً كشدوٍ ..هديلْ
ربيع وأزهار فواحة..
ونهرٌ و مركبْ
ويدهشني كيف كنتِ..
تحبُّ بعمقٍ..
وأسأل نفسي كثيراً..
إذا كنت تكذبْ!
وهل كان عهدك فعلاً
عهدَ شرفْ ؟
فأطويه فوراً
بدون إجابة..
* * *
((4))
وأفتح آخر…
عساي.. لعلي
أطوي الكآبةْ
فأدلفُ بهوَك..
أفتحُ بابَه
أجدهُ كما كنْتُ فيه
أمارسُ معك ..الدعابةْ
أشاهدُ كلَّ المواقف
بروعتها مشرقةْ
بحسرتها محرقةْ..
تدق بمخيلتي..
فتؤلمني..
كريحٍ بزرعٍ عصفْ
فأطوي الملف
* * *
((5))
وأفتح آخر..
وأدلفُ في غرفةٍ
يدون نوافذْ..
بدون ستائرْ..
وأنوارُ خافتةٌ لا تبينُ
ترى ذاك وكري !؟
أهذا العرين؟؟
هنا كنت أغفو ..
وأيضاً أقاتل
أخوض المعارك طوراً..
وطوراً.. أجدني أجثو
على ركبتي أزاول
ركوبَ الخيولِ الأصائلْ
تراني..أكنت بحلمٍ
طويل ٍجميلٍ ..ترى !!؟
أم تراني
عشت الليالي سعيداً
بقربِ الأيائلْ

* * *

((6))

فتؤلمني الذكرياتُ الجميلةْ
وتسحقني الذكرياتُ الأليمةْ
فأخرج أمشي الهوينا
وعيني تدمعُ حزناً
وأيسرَ جفني يرف
ويأبى فؤادي
يصدقُ أني..
قد ألتقيك
فبيني وبينك..
مليون ميل ونيّفْ
فأهربُ من وحدتي
لأبحثَ عن صاحبٍ
يوقفُ ذاك الشريطَ
يُغيِّر هذا الملفْ .

***

د. صالح السعدون