بين الأدب والسياسة 3/21

السلطة لا ترحم حتى أقرب المستشارين إليها حين يخطئون لذا فقد كان مصير معظم الوزراء في عصر الدولة العباسية القتل .
د. صالح السعدون

هكذا تكون السلطة ..وهذا هو رأي أكثر السلاطين..
..((..ولوكان حيــاً ضربت عنقه ..))
في كل زمان ومكان تكون السلطة قاسية والسلطان مستبد ومتسلط , ولا يوجد لدولة محمد صلى الله عليه وسلم أو دولة أبوبكر وعمر ,و لا لدولة عمر بن عبدالعزيزعهد مماثل في أزمنة أخرى , ولا كذلك لجمهورية أفلاطون واقع إلا في بطون الكتب .
وخاصة في عصورنا المتأخرة حيث يوكل الأمر لغير أهله , أو كما قال عليه الصلاة والسلام , ففي عصر الأندلس كان السلطان قاهر وكان الشِّعر حاضر , فقال الكاتب ( وهو منصب يشبه منصب المستشار بديوان السلاطين آنذاك ) أبو عبدالله محمد الفازاري, وقد وجدت قصيدته برقعة في جيبه بعد موتهفي إحدى المعاركمع النصارى :
الروم تضرب في البلاد وتغنم والجور يأخذ ما بقي والمغرم
والمال يورد كله قشتالة والجند تسقط والرعية تسلم
وذوو التعيُّن ليس فيهم مُسلم إلا معين في الفساد مُسَلِّم
أسفي على تلك البلاد وأهلها الله يلطف بالجميع ويرحم
وحين نعي لسلطانه وأعطيت له تلك الرقعة قرأ الأبيات , فبكى أميره عليه , ثم قال: (( صدق رحمه الله تعالى , ولو كان حياً ضربت عنقه )).
ولوكان حياً لضربت عنقه…! , رغم أنه يعرف أنه قد قال الحق .
ولهذا فقضية حرية الكلمة هي قضية محرمة بشكل أزلي , منذ فرعون وكلمته المشهورة (( لا أريكم إلا ما أرى وأهديكم سبيل الرشاد )) , وحتى بوش الصغير – نسبة لوالده الأب , إلى جانب صغره من الناحية الفكرية حيث اتفق علماء ومفكرون روس أن (( بوش الإبن هو أغبى رجل أمريكي يعيش على الأرض الأمريكية )) , فقد صرح ببداية إعلان حربه على الإرهاب أنه : (( من ليس معنا فهو ضدنا )) , حيث تم فصل صحافيون ومذيعون بقنوات أمريكية فضائية لانتقادهم لسياسات بوش وتوجهاته وحربه ضد الإرهاب ,وهكذا تعاني الشعوب العربية في معظم البلدان سياسة تكميم الأفواه ومصادرة حرية التعبير ولعل بعض الدول التي عانت من الأستعمار كانت تعيش بعضاً من حرية التعبير أكثر مما نالته بعد الأستقلال على يد أنظمتها التي سميت بالوطنية ويظل الحكام يقولون حتى لمساعديهم الموتى حين يكتشفون اختلافهم معهم أو انتقادهم لهم ..((..ولوكان حيــاً ضربت عنقه ..)).أما الأحياء فبالتأكيد فهم يظلون موتى الكلمة حتى يزورهم ملك الموت فلربما قرأنا أنهم كانوا غير راضين عن سلاطينهم .

د. صالح السعدون

747

الكاتب د.صالح السعدون

د.صالح السعدون

د.صالح السعدون مؤرخ وشاعر وأكاديمي / لدينا مدرسة للتحليل السياسي غير مألوفة..

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة