فتح مكة … والهزيمة النفسية لقريش 2/2

عاد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إلى مكة المكرمة في العام السادس للهجرة , وقد اعتقدت قريشاً أنها انتصرت في جولة دبلوماسية على محمد وعززت من موقعها السياسي أمام قبائل العرب , ولكنها في واقع الأمر لم تكن قادرة على قراءة المستقبل بنظرة ثاقبة .
ولم يمكث في المدينة المنورة غير شهر ونيف , ثم خرج لإتمام مشروعه السياسي الكبير, وهو توحيد جزيرة العرب تحت لواء كلمة لا إله إلا الله محمداً رسول الله , وكان الهدف الأول له تأديب قوة اليهود التي كثيراً ما حاكت المؤامرات ضد الإسلام وشخص نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم ودولة الإسلام بالمدينة المنورة , واضعاً في حسبانه قبيلة غطفان التي حالفت قريش واليهود في عام 5 هـ في غزوة الأحزاب ( الخندق ) , ووضع جيشه الذي كان يطلق عليه الخُمَيْس لأنه كان يتكون من خمسة فرق مقدمة ومؤخرة وقلب وميمنة وميسرة , وضع جيشه في موقع بين خيبر وبين غطفان لكي يمنعهم من إمداد اليهود , وحينها أصاب الله يهود خيبر بالرعب ففتحها حصناً حصناً ,طالب أهل أكبر حصنين من حصونهم حين أيقنوا بالهلكة رسول الله أن يحقن دماءهم ويسيرهم ففعل رسول الله عليه الصلاة و السلام وحاز أموالهم كلها , وهكذا استسلمت بقية الحصون في خيبر وفدك , حيث تم إطلاق سراحهم وإخراجهم من جزيرة العرب وحقن دماءهم وتسليم كافة أموالهم لرسول الله صلى الله عليه سلم .

وفي العام السابع قام الرسول صلى الله عليه وسلم بعمرة القضاء فخرج أهل مكة إلى الجبال مخلين مكة لرسول الله والمسلمين , وأقام بمكة ثلاثة أيام وتزوج بنت عمه ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها وأراد أن يبني بها بمكة ولكن طالبت قريش برحيله عند انتهاء اليوم الثالث من دخوله لمكة , فرحل وبنى بها في الطريق نحو المدينة .

وقد استكمل رسول الله غزواته ما بين المدينة والشام فغزا مؤتة بالأردن في جمادى الأولى عام 8هـ .

وفي هذه السنوات مابين صلح الحديبية حدث الكثير من المتغيرات على الأرض جعلت قريش تعرف أن دخولها في دولة الإسلام ما هي إلا مسألة وقت ,وكان من نتائج صلح الحديبية ما يلي :

1) أسلم في تلك السنتين السابعة والثامنة عدداً يوازي من (( دخل فيه قبل ذلك وأكثر )) ( ابن الأثير ,ج2 , ص 139) .

2) شكل المسلمين الجدد نواة لفرقة مقاتلة خارجة عن القانون بقيادة أبوبصير عتبة بن أسيد بن جارية الثقفي والذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم ( ويل أمه مسعر حرب لو كان له رجال )) , بحيث كان قبولهم في المدينة كمهاجرين ومسلمين جدد يتعارض مع اتفاقية الحديبية التي تنص على إعادة كل من أتى للرسول من غير إذن وليِّه إلى قريش , فاتخذوا من طريق تجارة قريش الساحلي نحو الشام مقراً لفرقتهم وهددوا منها تجارة قريش , وهم حوالي سبعين رجلاً مسلماً فضيقوا على قريش وتجارتها نحو الشام , فأرغمت قريش على أن تستجدي الرسول إلغاء ذلك البند من صلح الحديبية وقبول الشباب المسلم بالمدينة دون إذن قريش .

3) وجه الرسول غزواته في أنحاء الحجاز وشمال غرب جزيرة العرب حيث في السنة السابعة وحدها وجه تسع عشرة غزوة متفرقة .

4) كاتب الرسول صلى الله عليه وسلم ملوك العرب والعجم , وأهمهم كسرى وقيصر والنجاشي – الذي تؤكد بعض الروايات أنه أسلم – والمقوقس وغيرهم يدعوهم إلى الإسلام , ولم يكن ذلك ممكناً لو كان لا يزال منشغلاً بقتال قريش .

5) هاجر بعض كبار صناديد قريش وفرسانها وأشهرهم على الإطلاق خالد بن الوليد الذي كان الرسول جامله في حجة القضاء حيث أرسل إليه برسالة مع أخيه , وكان خالد من عقلاء قريش فسأله عمرو بن العاص الذي بايع النجاشي على الإسلام وصادف خالد وهما متجهين إلى المدينة المنورة فقال خالد بن الوليد : والله لقد استقام الميسم وإن الرجل لنبي , أذهب والله أسلم , فحتى متى ؟ فأسلم خالد وعمرو وعثمان بن طلحة .

6) واصل الرسول سراياه وغزواته في العام الثامن قبل فتح مكة , حتى بلغت غزواته بلاد الروم في بلقاء الأردن؛ حيث غزوة مؤتة , كما أسلم على يدي عمرو بن العاص حاكم عُمان فدخل بدولة الإسلام وهكذا دانت شمال وجنوب وجنوبي شرق جزيرة العرب بالإسلام , بسرعة قياسية بعد التخلص من قريش من خلال صلح الحديبية .

7) دخلت بعض القبائل في حلف علني مع الرسول كخزاعة التي تضمر عداوة قديمة لقريش التي أخرجتها من بطن مكة إلى أوديتها , وأسلمت خزاعة مع أنها في خاصرة قريش , ولذا فقد أصبح نفوذ دولة الرسول وبناء على بنود صلح الحديبية مشرفاً بأملاك دولته على حدود مكة ذاتها وهو ما أغاض قريش , لتجد في أقرب فرصة مسألة الانتقام من خزاعة , وبدون وعي حين أيدت قبيلة بكر بن عبد مناة المتحالفة مع قريش وفق بنود الصلح , وأيدتها بالسلاح ثم في قتال ليلي بمقاتلين ملثمين ونالوا من حلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم , وهنا وقعت قريش من حيث تدري أو لا تدري في موقف الطرف الذي نقض الصلح , فالصلح نص على أن الطرفين (( اصطلحا على وضع الحرب على الناس عشر سنين , يأمن فيهن الناس ويكف بعضهم عن بعض, وأنه لا إسلال ولا إغلال , أي لا سرقة أو سطو خفيف ولا خيانة بين الطرفين ,وأنه من أحب أن يدخل في عقد محمد دخل فيه ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه)),

وأخيراً وقعت قريش بالمحظور, ونقضت بندين أو أكثر من بنود الصلح فالحرب وضعت أوزارها والصلح مدته عشرة سنوات , ومن حق حلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم بالأمن وقد تم الاعتداء عليهم , ورغم أن الصلح أكد ألا غزو ولا سطو ولا سرقة ولا خيانة بين الطرفين فقد خانت قريش عهدها , واستنجدت خزاعة بالرسول جاء شاعرهم إلى المدينة المنورة يناشد الرسول الثأر من خيانة قريش , وهو عمرو بن سالم الخزاعي :

فانصر رسول الله نصراً أعتدا وادع عــباد الله يأتوا مددا

فـيهم رســول الله قد تجردا أبيض مثل اليد تنمي صعدا

إن قريشاً أخـلفوك المـوعدا ونقضـوا ميـثاقك المـؤكدا

وجــعلوا لي في كداء رصدا وزعموا أن لست أدعوا أحدا

وهــم أذل وأقــل عــددا هـم بيتــونا بالوتيـرهـجدا

وقتلونا ركعاً وسجداً

كانت هذه القصيدة التي يستنجد بها مسلم من خزاعة بالرسول وهو جالس بين المسجد بين الناس ملهبة , فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد نصرت يا عمرو. ثم جاء بديل بن ورقاء بوفد من خزاعة فقال رسول الله لهم يا لبيكم ,فخرج إليهم وكان يغتسل, فأخبروه الخبر ثم رجعوا إلى مكة.

كان الموقف الإقليمي – إذا صح التعبير – قد أصبح متوتراً وحبس الناس الأنفاس , وكما يقال بتعابير الصحافة اليوم كأن المنطقة على برميل بارود ! فما الموقف الذي سيتخذه الرسول صلى الله عليه وسلم أمام نقض قريش للصلح ؟, فقد ثبت أن عكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية وهما من مشاكسي و متشددي شباب قريش ضد كل ما يتعلق بالمسلمين موتورين من قتل آبائهم بمعركة بدر الكبرى , ومعهم سهل بن عمرو وعبيدهم قد شاركوا بالمعركة , فلا مفر أمام قريش للإنكار , وتوترت أعصاب زعامة وعامة قريش , فالكل أصبح يدرك الموقف الإستراتيجي والعسكري للقوتين قوة دولة الرسول صلى الله عليه وسلم التي امتدت من الأردن وحتى اليمن وعُمان , وقوة قريش المتقلصة والتي تزداد ضعفاً مع الأيام وهذا شاعر خزاعة يقول أمام الرسول صلى الله عليه وسلم ( وهم أذل وأقل عددا ) , وأمام استقراء قريش لواقعها المرير , لم يكن أمامها إلا إرسال سيدها وكبيرها أبو سفيان بن حرب لإصلاح ما أفسده طيش شبابها , واتجه سيد قريش على عجل وصادف في عسفان بين مكة والمدينة بديل بن ورقاء زعيم خزاعة , فسأل أبو سفيان بديل إن كان قد ذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم , ولم يخبره الحقيقة وبيَّن أنه وصل إلى الساحل ( البحر الأحمر) , ولكن خبرة أبو سفيان الواسعة أدركت أن مجيء بديل نحو محمد عليه السلام يعني فساد مهمته في تجديد الصلح , فذهب إلى بقايا روث ناقته, فرأى أنها علفت النوى والنوى لا يوجد إلا في المدينة , فعرف أن بديل قد جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم للاستنجاد به , فأسرع وهو يعلم سلفاً أن مهمته ستمنى بالفشل , وكان الرسول صلى الله عليه وسلم قد توقع حضور أبي سفيان (( كأنكم بأبي سفيان قد جاء ليجدد العهد خوفاً ويزيد في المدة )).

سيجد زعيم مكة الهوان في المدينة , ورغم أنه صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم , فأم المؤمنين أم حبيبة رضي الله عنها هي بنت أبي سفيان من زوجة أخرى غير هند بنت عتبة , فاتجه أبو سفيان إلى بيت رسول الله حيث ابنته فحيته ولكنه حين أراد أن يجلس على الفراش سحبته من تحته , وكان فراشاً متواضعاً ليس به زخرف ولا حرير , فقال ما أدري أرغبت به عني أم رغبت بي عنه ؟ , فقالت بصراحة المؤمن : بل هو فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت مشرك نجس فلم أحب أن تجلس عليه, فقال : لقد أصابك يا بنية بعدي شر , فقالت بل هداني الله للإسلام , فخرج من عندها إلى رسول الله فكلمه فلم يرد عليه شيئاً , فعرض أبو سفيان التوسط مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي بكر, فقال ابوبكر ما أنا بفاعل , فذهب إلى عمر , فقال عمر بإجاباته المميزة : أنا أشفع لكم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والله لو لم أجد إلا الذر – صغار النمل – لجاهدتكم به , ثم خرج حتى أتي علياً وعنده فاطمة والحسن يدب بينهما فكلم علي رضي عنهم أجمعين فقال له علي: ( والله لقد عزم الرسول صلى الله عليه وسلم على أمر لا نستطيع أن نكلمه فيه) , فالتفت أبو سفيان إلى فاطمة رضي الله عنها فقال : يا بنت محمد هل لك أن تأمري إبنك أن يجير بين الناس فيكون سيد العرب ؟. فقالت : ما بلغ ابني أن يجير بين الناس وما يجيرعلى رسول الله أحد ¸فالتفت إلى علي رضي الله عنه وقال : أرى الأمور قد اشتدت علي , فانصحني , قال علي : أنت سيد كنانة , فقم فأجر بين الناس ثم الحق بأرضك ,ففعل ومضى لمكة فقالت قريش والله ما زاد على أن يسخر بك .

تجهز رسول الله وقال اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها فعمِّيت الأخبار عن قريش , وقد حاول أحد من شهدوا بدر وهو حاطب بن أبي بلتعة الذي كتب رسالة لقريش يبلغهم الخبر, ولكن الرسول ابلغ بالوحي فأرسل علياً والزبير فأتيا بالكتاب الذي تحمله إمرأة , وحين ساءله رسول الله عن الأسباب التي حدت به أن يفعل ذلك , شهد بالإيمان وإنه ما غيَّر ولا بدَّل , فقال عمر : يا رسول الله دعني أضرب عنقه فإنه قد نافق, فقال رسول الله : وما يدريك يا عمر لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ماشئتم فقد غفرت لكم .

في العاشر من رمضان مضى رسول الله بجيشه الكبير نحو مكة في حوالي عشرة ألاف فارس, وفي الجحفة قابله عمه العباس بن عبدالمطلب فأرسل رحله للمدينة وعاد مع رسول الله ,وقال له صلى الله عليه وسلم : أنت آخر المهاجرين , وأنا آخر الأنبياء , فقال العباس بن عبدالمطلب حين رأى جيش محمد صلى الله عليه وسلم : يا هلاك قريش والله لئن بغتها رسول الله صلى لله عليه وسلم في بلادها وأخذها عنوة انه لهلاك قريش إلى آخر الدهر , فركب بغلة الرسول صلى الله عليه وسلم وقال أخرج إلى الأراك لعلي أرى حطاباً يدخل مكة فيخبرهم بمكان الرسول فيأتونه ويستأمنونه , قال فخرجت إذ سمعت صوت أبي سفيان وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء الخزاعي قد خرجوا يتجسسون الخبر , فقال ابو سفيان ما رأيت نيراناً قط أكثر من هذه , فقال بديل هذه نيران خزاعة , فقال أبو سفيان : خزاعة أذل من ذلك , فقلت: ياأبا حنظلة _ يعني أبا سفيان وكان يكنى بذلك _ فقال أبا الفضل, قلت نعم , قال لبيك فداك أبي وأمي , ما وراءك ؟ فقلت هذا رسول الله في المسلمين أتاكم في عشرة ألاف , قال ما تأمرني , قلت تركب معي فأستأمن لك من رسول الله صلى الله عليه وسلم فو الله لئن ظفر بك ليضربن عنقك فردفني , فخرجت أركض فكل ما مررنا بنار من نيران المسلمين قالوا عم رسول الله , حتى مررنا بنار عمر بن الخطاب فقال لأبي سفيان: أبو سفيان عدو الله ! الحمد لله الذي أمكن منك من غير عقد ولا عهد , فدخل عمر على رسول الله وقال يا رسول الله دعني أضرب عنقه , فقلت : يا رسول الله إني أجرته ثم أخذت أناجي الرسول صلى الله عليه وسلم , فلما أكثر عمر, قلت : مهلا يا عمر, والله ما تصنع هذا إلا إنه رجل من بني عبدمناف , ولو كان من بني عدي ما قلت هذه المقالة , فقال : مهلاً يا عباس فو الله لأسلامك يوم أسلمت كان أحب إلي من إسلام الخطاب لو أسلم فقال رسول الله إذهب فقد أمنَّاه , وفي الصباح أحضر العباس أبو سفيان , وواجهه الرسول مواجهة قوية , فقال ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله ؟ قال بلى بأبي أنت وأمي يا رسول الله لو كان مع الله غيره لقد أغنى عني شيئاً , فقال ويحك ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله ؟ فقال : بأبي أنت وأمي أما هذه ففي النفس منها شيئاً, قال العباس ويحك إشهد شهادة الحق قبل أن تضرب عنقك , فتشهد , فقال الرسول صلى الله عليه وسلم للعباس احبس أبا سفيان عند خطم الجبل بمضيق الوادي حتى تمر عليه جنود الله , فقال رسول الله من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن دخل دار حكيم بن حزام فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن ومن أغلق عليه بابه فهو آمن , وظل أبو سفيان يرى فرق جنود الله حتى مر به رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبته الخضراء من المهاجرين والأنصار في الحديد لا يرى منهم إلا الحدق, فقال من هؤلاء فقال من هؤلاء ؟ فقلت : هذا رسول الله مع المهاجرين والأنصار, فقال : ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة , لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيماً , قلت ويحك إنها النبوة , فقال نعم إذن ,

ومضوا مسرعين لبيت الله الحرام وأعلن أبو سفيان في قريش عهد الأمان الذي أبلغه إياه رسول الله قائلاً (( يا معشر قريش هذا محمد قد جاءكم بما لا قبل لكم به فقالوا فما قال , قال من دخل داري فهو آمن قالوا ويحك وما تغني عنا دارك , وتلا بقية البيان , ثم قال يا معشر قريش أسلموا تسلموا فأقبلت عليه إمرأته هند بنت عتبة فأخذت بلحيته وقالت يا آل غالب , اقتلوا هذا الشيخ الأحمق فقال : أرسلي لحيتي , وأقسم إن لم تسلمي أنت لتضربن عنقك ادخلي بيتك , وهكذا تلا بيان الأمان , أو قل بيان حظر التجول في مكة المكرمة زعيم كة نفسه , يا لقدر الله ! لم تدخل فرقة من المسلمين لتلاوة البيان , وإنما أبو سفيان نفسه ؟!! ذلك الرجل الذي تزعم حرب قريش ضد رسول الإسلام ست سنوات .وكانت صدمة عنيفة لقريش أن يعلن هذا البيان زعيمهم بلسانه .

دخول جنود الله مكة المكرمة:

دخل رسول الله مكة متواضعاً مطأطأ الرأس حتى أن لحيته تلامس راحلته وهو يلف رأسه بعمامة من برد أحمر وقد رد طرفها على وجهه, تواضعاً لله حين رأى ما أكرمه من الفتح , وأمر الزبير بن العوام أن يدخل مكة من كداء, وكانت ميسرة الرسول صلى الله عليه وسلم , وأمر سعد بن عبادة الأنصاري أن يدخل من كدي فقال كلاماً خطيرا ( اليوم يوم الملحمة , اليوم تستحل الكعبة ) فأبلغ الرسول صلى الله عليه وسلم فأمر علي بن أبي طالب أن يستلم الراية بدلاً منه , وأمَّر الرسول عليه السلام خالد بن الوليد لأول مرة كما يقول ابن الأثير وأمَره أن يدخل مع أسفل مكة من الليط , ودخلت الجيوش المنصورة بنصر الله مكة المكرمة , ودخل الرسول صلى الله عليه وسلم المسجد وهو على راحلته يطوف بها على الكعبة ومعه بلال , فأمره أن يؤذن , فلما بدأ بالآذان كان ابو سفيان ومعه عتاب بن أسيد والحارث بن هشام جلوس بفناء الكعبة , فقال عتاب بن أسيد : لقد أكرم الله أسيداً ألا يكون سمع هذا فيسمع ما يغيظه ! فقال الحارث بن هشام : أما والله لو أعلم أنه محق لأتبعته , فقال أبو سفيان : لا أقول شيئاً لو تكلمت لأخبرت عني هذه الحصى , فخرج عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم فقال قد علمت الذي قلتم , ثم ذكر لهم ذلك , فقال الحارث وعتاب نشهد أنك رسول الله ما أطلع على هذا أحد كان معنا فنقول أخبرك !, وجاء أهل مكة ليسلموا على يديه , ودخلت الجيوش دون قتال ما عدا جيش خالد بن الوليد فقد قابله مجموعة من قريش على رأسهم عكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية وسهيل بن عمرو وغيرهم قد جمعوا ناساً بالخندمة ومعهم الأحابيش وبنو بكر وبنو عبد الحرث بن عبد مناة , فقاتلهم خالد بن الوليد وقتل من المسلمين ثلاثة ومن جيش عكرمة ثلاث عشرة ثم انهزموا فلجأ عكرمة إلى اليمن , في الوقت الذي اجتمعت قريش في المسجد ينتظرون ما يقوله محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم , فقام الرسول صلى الله عليه وسلم على باب الكعبة وخطب بالناس عن ثم قال يا معشر قريش , إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء , الناس من آدم وآدم من تراب … .ثم قال: يا معشر قريش , ما ترون أني فاعل فيكم ؟ قالوا : خيراً ,أخ كريم وابن أخ كريم, قال اذهبوا فأنتم الطلقاء. وهكذا فتحت مكة دون قتال ذو شأن يذكر.

لقد كانت النفسية الجماعية لقريش تعاني من انهزامية حقيقية منذ ما قبل صلح الحديبية , لذا فقد كانت مكة المكرمة ساقطة بالمقاييس العسكرية منذ ما بعد غزوة الأحزاب ( الخندق ) بقليل ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن فيما يبدو يرغب أن يفتتح مكة بكثير قتال ودماء وهكذا كان قدر الله , ولعل العديد من شباب قريش قد قرأوا هذه الحقيقة وأيقنوا بها بعد فشل غزوة الخندق, و لقد بدت الطبقة العليا من فرسان قريش وشبابها مترددين في مصداقية موقفهم غير واثقين من مستقبل مقاومتهم , فقال عمرو بن العاص , (( إنه لما انصرفنا مع الأحزاب عن الخندق قلت لأصحابي , إني أرى أمر محمد يعلو الأمور علواً منكرا, وإني قد رأيت أن نلحق بالنجاشي فإن ظهر محمد على قومنا كنا عند النجاشي , وإن ظهر قومنا على محمد فنحن من قد عرفوا , قالوا: إن هذا لرأي )) (ابن الأثير ج2 ص 155-156) . لقد بدت هذه الروح والنفسية الانهزامية واضحة في هذا النص ومن واحد من أكثر رجال قريش خبرة بالإستراتيجية العسكرية كما سيتضح فيما بعد من المعارك التي خاضها عمرو بن العاص بعد إسلامه , لقد رأى بثاقب نظره ودقيق خبرته أن محمداً صلى الله عليه وسلم قد أصبح قاب قوسين أو أدنى من النصر .ولذا فكَّر بمهربٍ عن الساحة السياسية والعسكرية في الحجاز ليكون لاجئاً سياسياً عند النجاشي بالحبشة حتى يحسم الصراع بالحجاز كيما يحدد هو ومن لجأوا معه القرار الذي يمكنهم اتخاذه .

لقد أمسى على قريش في العام السابع للهجرة أن ترحل عن مكة إلى الجبال لكي لا ترى محمدا يدخل بلدهم وأمام عيونهم دون أن يتمكنوا من صده أو منعه , ولتتذوق الطبقة السياسية المرارة من هذا الحدث فمحمد وأصحابه يدخلون مكة جهاراً نهاراً وليس معهم سوى سلاحهم الشخصي , دون أن يستطيع فرسان قريش منعهم من العمرة . ولعل خروجهم من مكة إلى الجبال يعطي إشارة واضحة حيال نفسيتهم الانهزامية تلك .

بل لقد ظهر عجز قريش وبشكل قطعي عن صد مجموعة من الشباب المسلمين الذين اقتضت شروط صلح الحديبية منع بقاءهم وانضمامهم لدولة الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة , وإعادتهم إلى قريش فخرجوا إلى طريق قوافل قريش يعتدون عليها , مما اضطر قريش – لعدم قدرتها على مواجهة هؤلاء الشباب الذين هم أقل من عدد سرية واحدة من سرايا جيش الرسول صلى الله عليه وسلم – حيث لم يزيدوا عن سبعين رجلاً, إلى التنازل عن هذا الشرط الذي أصر عليه مفاوضهم سهيل بن عمرو حينئذٍ , وطلبت قريش من الرسول عليه الصلاة و السلام قبولهم بالمدينة لكف تعدياتهم على قوافلها ؛ وذلك لأن دخولهم بالمدينة يخضعهم لشروط صلح الحديبية بعدم الاعتداء من قبل الطرفين على الآخر .

لقد كان العام السابع للهجرة امتحانا حقيقياً لهيبة وقوة قريش إذ أنها عرفت حجمها ووزنها الطبيعي , وعجزها عن تحجيم ما هو أقل من سرية من جيش محمد عليه الصلاة و السلام , ومن هنا نحن نحتاج إلى دراسة النفسية الجماعية لشعب مكة في هاتين السنتين السابعة والثامنة لنفهم الأسباب التي جعلتهم غير قادرين على مواجهة محمد عليه الصلاة والسلام حين قرر عام 8هـ فتح مكة بشكل نهائي .

ولعل الكثير من النقاط التي تدلل على مدى تهاوي النفسية الجماعية لقريش قبل سنتين من فتح مكة عام 8هـ وأهمها مايلي :

· لقد كان شعب مكة قد وصل إلى جانب قياداته السياسية والعسكرية , إلى قناعة تأصلت مع أيام سنتي 7-8هـ بأن الإسلام يتقدم ويزدهر وينشط ويتوسع , في حين كان نفوذهم مستمرا بالإنحسار المتزايد أيضاً, ويبدو أن هذه القناعة التي قد تأصلت في نفوسهم والتي كانوا يكابرون على الاعتراف بها كمن أخذته العزة بالإثم ,تلك الحقيقة التي قد أفصح عنها زعيم مكة وكبيرها أبو سفيان بن حرب الأموي عشية دخول الرسول عليه الصلاة والتسليم مكة وخضوعها له , حين سأله الرسول صلى الله عليه وسلم قائلاً (( أما آن لك أن تشهد ألا إله إلا الله , فرد عليه أبو سفيان : والله لقد علمت أنه لو كان إله غيره لنصرنا عليك , )).

· حين وصلت مقدمة جيوش محمد مكة ودخلتها من جهاتها الأربع , لم يبدي أهالي مكة وشعبها أية مقاومة حقيقية تذكر أو ذات شأن , عدا سرية صغيرة من شباب مكة الموتورين على قتل آبائهم في معارك قريش مع الإسلام أمثال عكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية بن خلف وغيرهم , أما بقية شعب مكة فقد انساقوا بهدوء وراء زعيمهم وشيخهم أبو سفيان إلى الأماكن التي حددها الرسول عليه الصلاة والسلام لمنح الأمان لمن يلجأ إليها . إن استجابة الناس بمكة لحضر التجول الذي فرضه محمداً عليه أفضل الصلاة والتسليم على مكة وقت دخوله إليها, يعطي انطباعاً واضحاً إلى ما وصلت إليه النفسية الجماعية لشعب مكة تجاه الصراع بينهم وبين محمد عليه الصلاة و السلام من انقياد واستسلام تام لأوامره عليه أفضل الصلاة والتسليم , ومدى الانهزامية التي غلبت على نفسيتهم .

· ولعل من أهم الدلائل على تضعضع ثقة قادة مكة بمشروعهم القديم الداعي إلى مقاومة الإسلام , وأن تضعضع هذه الثقة أدت إلى اقتناع سلبي بدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم بل ربما وصل إلى حد القناعة بحتمية انتصار الإسلام بزمن غير بعيد , ومع أنهم ترددوا كثيراً عن الاستجابة وقبولهم بالدخول بهذا الدين بعد صلح الحديبية, فإن مرد ذلك يعود إلى أن مثل هذا الخيار كان في قمة الصعوبة عليهم من حيث أنه يستدعي تخلِّي مكة عن دورها القيادي للقبائل العربية لصالح الدور الجديد الذي بدأت دولة الرسول صلى الله عليه وسلم تلعبه سياسياً وعسكرياً على الساحة السياسية في جزيرة العرب . وكذلك لأن شخصيات مكة الرئيسية سيفقدون دورهم القيادي والريادي إذا ما دخلوا بالإسلام لصالح تلك الشخصيات التي أعلنت إسلامها منذ الفترة المكية الأولى للإسلام كأبي بكر وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين ,ومن هنا جاء دور الشخصيات الرئيسية في قريش التي كانت آنذاك لا تزال تلعب أدواراً سياسية وعسكرية في الصراع مع الإسلام , مما يؤكد توجه البحث إلى أن تلك المرحلة التي أعقبت غزوة الخندق و صلح الحديبية من الصراع وبداية من عام 8هـ , شهدت تضعضع ثقة الطبقة السياسية والصفوة القيادية للعسكرية القرشية بمشروعهم القائم حتى ذلك العام على مقاومة الإسلام كمشروع أساسي سياسي وعسكري وديني , أنه في العام الثامن للهجرة قد تخلى أهم الشخصيات العسكرية في قريش كخالد بن الوليد وعمرو بن العاص وبعض الزعامات من الطبقة العليا بقريش أمثال العباس بن عبدالمطلب وغيرهم وهجرتهم إلى المدينة المنورة وإعلان إسلامهم بل ليكونوا حماة للدين كما كانوا ألد أعدائه من قبل , حيث قادوا حملات عسكرية على أعداء الإسلام فنرى خالد بن الوليد يسميه الرسول صلى الله عليه وسلم سيف الله المسلول ويقود الجيش الإسلامي بمعركة مؤته , وهذا عمرو بن العاص يقود الجيش الإسلامي بذات السلاسل .

· مما يثير كثيرا من التساؤلات وبصورة مثيرة أيضاً هو أن شعب مكة أسرع ما أعلنوا إسلامهم دون مقاومة ذات شأن يذكر ,وانخرطوا في منظومة الإسلام الجديدة ,وكأنهم لم يكونوا أشد أعدائه , وتناسوا سريعاً بشكل خلط جميع الأوراق؛ فحلفائهم السابقين سرعان ما أصبحوا أعداءهم الذين يجردون كتائب من شبابهم إلى جانب الجيش الإسلامي بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم , وسرعان ما أصبح نشر الإسلام هو مشروعهم الأساس , فقد اتجهت كتائب قريش ضمن جيش محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم لحرب بقية القبائل المشركة والتي لا تزال ترفض الدخول بالإسلام حيث حاربوا حلف هوازن في حنين وحاصروا الطائف .

· وتثبت الأحداث مزيداً من الشواهد على الهزيمة النفسية الجماعية لشعب مكة وقادتها أمام تقدم الإسلام المذهل في مرحلة ما بعد الحديبية ؛ أنه بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ارتدت كل القبائل بجزيرة العرب تقريبا عدا المدن الثلاث الحجازية المدينة المنورة ومكة المكرمة والطائف , وهذا أمر له دلالته ؛ فلو لم يكن الإسلام متمكناً من شعب مكة الذي كان يكابر في مقاومة له عناداً ليس إلا – قبل الفتح- لوجدوا في وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ,وارتداد القبائل العربية عن الإسلام فرصة ذهبية للانقضاض على الإسلام , ولن يكون صحيحا إذا ما تصورنا أن قريش بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم أصبحت لها الزعامة فهي ليست بحاجة إلى الردة , لأن قريش كانت قائدة قبل وبعد فتح مكة وبعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم إلا أن الطبقة القرشية السياسية كانت مستبعدة من القيادة السياسية والعسكرية في الإسلام لصالح المسلمون الأوائل فلم يحكم أبو سفيان أو عكرمة أو صفوان , وكانوا سيجدون ربما – كفرضية – فرصة في وقت الردة لو لم يكونوا بالأساس قد فقدوا الثقة كاملة بمشروعهم القائم على عدائهم للإسلام , وكذلك اعتقادهم بإمكانية النصر على الإسلام , وتعززت مع الأيام قبل عام 8هـ أن الإسلام منتصر لا محالة .

· إن النفسية الجماعية لأهالي مكة بين عام الحديبية أواخر عام 6هـ وعام فتح مكة 8هـ , لتبين مستوى متدنٍ من المعنويات الهابطة, فقد كان رجل اسمه الحارث من قريش لزوجته وهو يسن حربته يوم فتح مكة فنظرت إليه زوجته مستهينة بفعله وبما يمكن لهم أن يحققوه في ظل الأخبار الواردة إليهم لحظتها, وقالت له : ما تصنع بهذه ؟ قال أعددتها لمحمد و أصحابه , فقالت : ما أُرَى يقوم لمحمد وأصحابه شيء . قال : والله إني لأرجو أن أُخْدِمَك بعضهم !ثم أنشأ يقول :

إن يقبلوا اليوم فما بي علة هذا سلاح كامل وألَّهْ

وذو غرارين سريع السَّلهْ

فلما لقيهم خالد بن الوليد يوم الخندمة انهزم الرجل,فلامته إمرأته, فقال:

إنك لو شاهدت يوم الخندمة إذ فر صفوان وفر عكرمة

يفلقن كل ساعد وجمجمة ضرباً فلا تسمع إلا غمغمه

لم تنطقي في اللوم أدنى كلمه

الخاتمــــــة :

لقد كانت قريش قد قرأت مسيرة الأحداث ولكنها كمن أصابها الغرور أو أخذته العزة بالإثم , لم تستطع التنازل كقبيلة عن الوضع السياسي والديني والاقتصادي المتزعم لقبائل العرب قبل الإسلام وحاولت من خلال إعلان مشروعها القائم على محاربة الدين الإسلامي , أن تحافظ ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً على مركزها القيادي بين قبائل العرب ولعلها من خلال هذه المقاومة العنيفة للإسلام تفرض كلمتها على العرب قاطبة , ولكن مع السنوات الأربع من بداية هذه المقاومة من سنة2هـ – 5 هـ , وجدت قريش وخاصة عقلاؤها والطبقة السياسية التي تقرأ الأمور بخبرة المحنكين أن مشروعهم ليس إلا مضيعة للوقت والجهد والمال , وأن محمدا نبياً ورسولاً شاؤوا أم أبوا , ولذا أقر كبار فرسانها بالعجز فهذا خالد بن الوليد يقول لعمرو بن العاص حيث التقيا ببعضهما في الطريق إلى المدينة المنورة فقال خالد بن الوليد : والله لقد استقام الميسم وإن الرجل لنبي , أذهب والله أسلم , فحتى متى ؟ وهذا عمرو بن العاص يتنبأ بعد تعادل كفتي الصراع بعد الخندق بصعوبة موقفه لذا يلجأ بالهروب المراوغ من الإقرار بالواقع , فلجأ إلى الحبشة .

ولذا فإن النفسية الجماعية قد انحدرت إلى الهاوية , جعل زعيم قريش أبو سفيان يسلم مرغماً في بداية الأمر , ويعلن في المسجد الحرام قولته المشهورة : يا معشر قريش هذا محمد قد جاءكم بما لا قبل لكم …, ثم قال يا معشر قريش أسلموا تسلموا وحين ثارت عليه امرأته , فقال : أرسلي لحيتي , وأقسم إن لم تسلمي أنت لتضربن عنقك ادخلي بيتك .

لقد كانت قريش منهزمة قبل فتح مكة وقد شكك الكثير من عقلاؤها من فائدة مقاومتهم قبل سنتين من الفتح , ولذا فقد كان فتح مكة يوم صلح الحديبية , حيث نزلت بعد الحديبية سورة الفتح ( إنا فتحنا لك فتحاً مبينا ) قال الرسول صلى الله عليه وسلم لعمر : (( لقد أنزلت علي الليلة سورة لهي أحب إليَّ مما طلعت عليه الشمس )) .

1٬563

الكاتب د.صالح السعدون

د.صالح السعدون

د.صالح السعدون مؤرخ وشاعر وأكاديمي / لدينا مدرسة للتحليل السياسي غير مألوفة..

مواضيع متعلقة

تعليق واحد على “فتح مكة … والهزيمة النفسية لقريش 2/2”

  1. [url]http://www.top3rab.com[ll]توب عرب[/url]
    [url]hhttp://www.top3rab.com/forumdisplay.php?f=27[ll]عالم حواء للطبخ[/url]
    [url]hhttp://www.top3rab.com/forumdisplay.php?f=27[ll]عالم حواء[/url]
    [url]hhttp://www.top3rab.com/forumdisplay.php?f=27[ll]حواء[/url]
    [url]hhttp://www.top3rab.com/forumdisplay.php?f=27[ll]عالم حواء للديكور[/url]
    [url]http://www.top3rab.com/forumdisplay.php?f=14[ll]غرائب وعجائب[/url]
    [url]http://www.top3rab.com/forumdisplay.php?f=14[ll]صور غرائب وعجائب الدنيا[/url]
    [url]http://www.top3rab.com/forumdisplay.php?f=14[ll]غرائب وعجائب بالصور[/url]
    [url]http://www.top3rab.com/forumdisplay.php?f=14[ll]غرائب وعجائب الصور[/url]
    [url]http://www.top3rab.com/forumdisplay.php?f=14[ll]غرائب وعجائب الدنيا[/url]
    [url]http://www.top3rab.com/forumdisplay.php?f=12[ll]افلام وثائقية[/url]
    [url]http://www.top3rab.com/forumdisplay.php?f=12[ll]افلام[/url]
    [url]http://www.top3rab.com/forumdisplay.php?f=12[ll]افلام وثائقية مترجمة[/url]
    [url]http://www.top3rab.com/showthread.php?t=1285[ll]صور[/url]
    [url]www.top3rab.com/forumdisplay.php?f=9[ll]البرامج المجانية[/url]
    [url]www.top3rab.com/forumdisplay.php?f=9[ll]تحميل البرامج[/url]
    [url]www.top3rab.com/forumdisplay.php?f=9[ll]تنزيل البرامج[/url]
    [url]www.top3rab.com/forumdisplay.php?f=9[ll]البرامج المعربة[/url]
    [url]www.top3rab.com/forumdisplay.php?f=9[ll]برامج[/url]
    [url]www.top3rab.com/forumdisplay.php?f=9[ll]صور[/url]
    [url]http://www.top3rab.com/showthread.php?t=1819[ll]تنزيل العاب سيارات[/url]
    [url]http://www.top3rab.com/showthread.php?t=1819[ll]العاب سيارات[/url]
    [url]http://www.top3rab.com/showthread.php?t=2244[ll]صور مضحكة[/url]
    [url]http://www.top3rab.com/showthread.php?t=2244[ll]صور مضحكة جدا[/url]
    [url]http://www.top3rab.com/showthread.php?t=2246[ll]صور سيارات[/url]
    [url]http://www.top3rab.com/showthread.php?t=2246[ll]صور السيارات[/url]
    [url]http://www.top3rab.com/showthread.php?t=2275[ll]صور انمي[/url]
    [url]http://www.top3rab.com/showthread.php?t=2275[ll]صور أنمي[/url]
    [url]http://www.top3rab.com/showthread.php?t=2275[ll]صور كرتون[/url]
    [url]http://www.top3rab.com/showthread.php?t=2257[ll]صور رومانسيه[/url]
    [url]http://www.top3rab.com/showthread.php?t=2257[ll]صور رومانسية[/url]

التعليقات مغلقة