بيت من الشعر … وتعليق ( بين الأدب والسياسة)1/21
الشعر حكمة , وقد دون العرب لنا كثير من الحكم والأمثال نشاهدها في واقعنا السياسي والإجتماعي ,نحن في هذا المقال نتحدث حول زهير بن ابي سلمى وحكمته وواقع العرب في تاريخهم الحديث .
من يصنع المعروف في غير أهله :
قال زهير بن أبي سلمى :
ومن يصنع المعروف في غير أهله يكن حمـــــده ذمـــاً عليه ويندم
ربما ينطبق هذا على المسلمين وسياساتهم تجاه اليهود , فقد أكرم المسلمين اليهود كرماً عظيماً باعتبارهم من أهل الكتاب , وعاملوهم معاملة لم يعامل اليهود مثلها من قبل أي شعب من شعوب الأرض ,يقول المؤرخ دوغلاس ريد : ((والعرب كما كان من قبلهم أهل بابل وفارس كانوا في جميع الأحوال متسامحين مع هذه القوى التي تعيش في وسطهم , وأما الأسبان فإن مظهر الفاتحين ذكرهم أكثر فأكثر باليهود وأقل فأقل بالعرب لقد كان العرب المسلمون هم الفاتحين ولكن للأسف كانت سلطة اليهود قوية … لقد إستمر الحكم العربي الإسلامي لإسبانيا قرابة 800 عام وبعد إنتهاء الحكم العربي الإسلامي لأسبانيا تخلص الأسبان حينها بشكل نهائي من النير الذي أثقل كاهلهم في عام 1492 م وتم طرد اليهود , لقد مارس اليهود نشاطهم بحرية مطلقة في ظل الحكم العربي الإسلامي , وبعد انهيار السيادة العربية على أسبانيا طرد اليهود منها )) (دوغلاس ريد ص 81).
لقد أبادهم الرومان إبادة وبوحشية وطردوهم من فلسطين , كما طاردتهم أوروبا بما في ذلك بريطانيا وفرنسا ولم يجدوا مكانا يعيشون به آمنين إلا ببولندا حيث سيطروا على حكومتها وتحكموا بمقدراتها , حتى قريب من نهاية القرن الثامن عشر الميلادي 1772م حين تمكنت الإمبراطورة الروسية كاترين من إحتلال بولندا وطرد اليهود منها حيث وجدوا في هولندا ملجئا آمناً لهم ثم إنتقلوا إلى بريطانيا وأمريكا فيما بعد .
يقول إسرائيل شاحاك وهو برفيسور يهودي يرفض السياسات الإسرائيلية العنصرية ضد العرب إنه (( توجد بالمحفوظات الإسبانية التي تعود للقرنين الثلث عشر والرابع عشر الميلادي سجلات لأوامر تفصيلية عديدة صادرة عن ملوك كاستيل وأراغون الكاثوليك … يأمرون فيها موظفيهم …بالتعاون مع الحاخامات لإجبار اليهود على المحافظة على فرائض يوم السبت )) ( شاحاك, الديانة اليهودية وتاريخ اليهود , ص38) .
هذا في الوقت الذي أعطى المسلمين وكذلك بعض شعوب العالم اليهود حقوقهم حتى في ماذكره شاحاك وغيره من المؤرخين , نجد أن منظمة الأمم المتحدة والتي يسيطر عليها في معظم إداراتها شخصيات يهودية إلى جانب إدارة الرئيس بوش الأمريكية والتي هي في صلبها يهودية السياسات أكثر من الحكومة الإسرائيلية نفسها , فقد وصل بهم الأمر إلى دراسة قرار يمنع زعماء العرب والمسلمين في الأمم المتحدة من قول كلمة بسم الله الرحمن الرحيم في مقدمة خطاباتهم .
ترك العرب لهم معتقداتهم بأمان كامل تركوا لهم حق ممارسة التجارة والعبادة , إستعملوهم بالوزارة والطب , وأخيراً حين وصلوا إلى السيادة العالمية وتحكموا بالحكومات الغربية وجعلوا أوروبا وأمريكا تحارب عنهم بالوكالة , كما قال رئيس الوزراء الماليزي الطيب الذكر مهاتير محمد , دمروا تجارة العرب والمسلمين وصناعاتهم , حرموا عليهم العلم والتقدم العلمي والتقني , والآن بدأوا بكل عنف وصلف بالتدخل السافر في تعليمهم ودينهم وثقافتهم بل وحتى في خياراتهم لنسائهم .فأي حقد شربوه , وأي عنف مارسوه , وأي أهداف يريدون أن يصلوا إليها .
لقد صدق الشاعر :
إن أنت أكرمت الكريم ملكته وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
ولعل العرب رأوا بأم عيونهم حكمة حكيمهم الجاهلي :
ومن يصنع المعروف في غير أهله يكن حمده ذماً عليه ويندم .
د.صالح السعدون