• الملك لله يؤتيه من يشاء
قال الله سبحانه : { البقرة الآية: 247 { وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } .ومامن شك أن الملك لله وأن الله سبحانه هو من يختار بيت الملك للناس , ولذا فرغم سقوط الدولة السعودية الثانية بسبب الحروب الداخلية بين أفراد البيت السعودي إلا أن الله سبحانه قد اختار من بين أفراد هذا البيت شاب ليجدد الملك فيه ويبعث الوحدة لجزيرة العرب من جديد فكان عبدالعزيز أشبه ما يكون به وصف
أبو العتاهية يصف الخليفة المهدي بن أبو جعفر المنصور:
ألا ما لسيدتي ما لها أدلَّت فأحمــــــل إدلالها
أتته الخــلافة منقادة إليه تجـــرر أذيـــــالها
فلم تك تصلح إلا له ولم يــك يصــلح إلا لــها
ولو رامها أحد غيره لزلزلت الأرض زلزالها
ولو لم تطعه بنات القلوب لمـا قـبـل الله أعــــمالها
الشخصيات المساندة للملك عبدالعزيز بمشروعه السياسي وهو في الكويت وخلال بناء الدولة :
الأميرة نورة بنت عبدالرحمن آل سعود / الأخت الكبرى للملك وإحدى مصادر دعمه : قالت له وهو في الكويت تحفزه :(( لا تندب حظك كالنساء , إن خابت الأولى والثانية , فسوف تظفر في الثالثة .. إبحث عن اسباب الفشل واجتنبها, ولا تكثر من الإقامة عند امرأتك أو أمك , فالرجال لم يخلقوا للراحة ..)) وكان عبدالعزيز دوماً يتذكر تشجيعها وتحريضها ولذا كان دائماً يقول وقت الشدائد : أنا أخو نورة .. أنا أخو نورة , ولذا نجد أن الملك عبدالله بن عبدالعزيز قد أسس جامعة للبنات باسم هذه الأميرة لدورها الكبير مع أخيها في توحيد البلاد .
الأمير عبدالله بن جلوي :
كان له دور عظيم في مشروع الملك عبدالعزيز التوحيدي , فقد كان يرأس أشبه ما يكون بمكتب اتصالات بين الملك عبدالعزيز والإمام عبدالرحمن بالكويت وبين رؤساء القبائل وأمراء المناطق وفعاليات المجتمع . ثم ساهم مساهمة فعالة بفتح الرياض وكان له السبق في حسم معركة قلعة المصمك وقتل عجلان بن محمد في صباح فتح الرياض , كما كانت مساهماته كبيرة في فتح القصيم بريدة ومعركة البكيرية ومن ثم ضم الأحساء وإلى جانب هذا كله فقد كانت لآرائه السديدة أشد التأثير في إنهاء حركة الإخوان التي كادت تعيد البلاد قرنا إلى الوراء .
الأمير عبدالعزيز بن مساعد بن جلوي :
ساهم في فتح الرياض ثم في تولي قيادة الجيش الذي ضم عسير 1338هـ ثم أثناء ضم الحجاز عينه الملك عبدالعزيز قائدا عاماً للمناطق الشمالية بعد أن شكل منطقة عسكرية تضم القصيم وحائل والجوف وأن يكون حكم الأمير عبدالعزيز بن مساعد في حائل إبان ضم الحجاز لمنع أي تدخل عراقي من قبل فيصل بن الحسين أو أردني من قبل عبدالله بن الحسين لصالح الملك علي بن الحسين بالحجاز . وقد كانت ثقة الملك عبدالعزيز به مطلقة , فقد اتخذ اجراءات قاسية وقوية ضد فرق الإخوان التي عاثت بالأرض الفساد ونهبت القوافل التجارية وقتلت أفرادها كما قاموا بترويع الناس من أجل تصرفات بسيطة كإطالة الشارب أو الثوب أو خلافه . ومع ذلك ظل دعم الملك عبدالعزيز له بلا حدود .
قادة آخرين ساهموا بتوحيد البلاد :-
1- عمر بن ربيعان زعيم الروقة من عتيبة .
2- – سلطان بن حميد زعيم برقة من عتيبة .
3- -خالد بن لؤي من الأشراف .
4- صالح بن عذل
5- إبراهيم النشمي .
6- فيصل الدويش زعيم مطير .
7- عبدالمحسن الفرم .
8- – محمد بن عبدالعزيز.
9- سعود بن عبدالعزيز الكبير .
10- فيصل بن حشر من قحطان .
11- فيصل بن عبدالعزيز آل سعود.
إلى جانب هذا كله فقد كان لدي الملك عبدالعزيز روح قيادية منذ الطفولة :وبرزت لديه ملامح القيادة : فقد سأل الإمام عبدالرحمن الفيصل رجاله عن رأيهم بأولاده .. فقال كل منهم رأيه ثم وجه الإمام خطابه لمانع بن جمعه العجمي فقال :-إذا أراد الله عزا للمسلمين , فهو على يد عبدالعزيز. فقال : وما يدريك ؟ – قال : رأيت فتيان الحي يتهيأون ليلعبوا وقد انقسموا فريقين فسمعت أكثرهم ومنهم بعض أبنائك يقول : من أنا معه ؟ ..وسمعت عبدالعزيز يقول : من هو معي ؟!
وبعد معركة الصريف تغير تعامل الكويتيين للملك عبدالعزيز وكأنهم يحملونه وزر أسباب المعركة رغم أن المعركة كانت دفاعاً عن الكويت ضد أطماع عبدالعزيز بن متعب الرشيد. وإلى جانب هذا فقد كان إيمانه بقضية استعادة الرياض من ابن الرشيد جعله يضغط على والده بأقصى ما لديه من قدرات بلاغية حين قال : (( إما أن تأمر أحد عبيدك بانتزاع رأسي من بين كتفي .. فأستريح من هذه الحياة , وإما أن تنهض من توك فلا تخرج من منزل شيخ الكويت إلا بوعد في تسهيل خروجي للقتال في بطن نجد )) .
حسن إدارته للمعركة السياسية والاتصالات الدبلوماسية م قيادات شعبه :
وكان يقوم باتصالاته بالقوى القبلية : خاصة غير المتفقه مع ابن رشيد :يقول أحد الرواة المعمرين جازي بن سرور بن سياف الأسعدي ” أن الأمير عبدالرحمن بن ربيعان أمير عتيبة (الروقة ) قد بعث الأمير فارس الزحاف وكانوا نازلين على الداهنة بين شقراء والمجمعة برسالة إلى الإمام عبدالرحمن الفيصل آل سعود في الكويت ويقول [ الراوي]: وقد كنت أنا مع الأمير فارس في تلك الرحلة , وكانت هذه الرسالة بمثابة دعوة للإمام عبدالرحمن إلى الخروج لاستعادة حكم الرياض وبلاد نجد من الرشيد , وفيها تجديد للبيعة على الولاء والنصرة , ويقول : عندما وصلنا الكويت نزلنا بضيافة مقبول … الذي اصطحبنا إلى مجلس الشيخ مبارك الصباح حيث قابلنا الإمام عبدالرحمن آل سعود وغيرهم وبعد حضور المدعوون … للعشاء أجلس الشيوخ مبارك وعبدالرحمن وفارس ومن معهم من كبار القوم حول صحن,وجلسنا نحن ومن معنا على صحن آخر وجلس معنا عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود , يقول فعندما رآه مقبول بن رجا صاحب الدعوة جالساً معنا , طلب منه القيام والجلوس مع الشيوخ , ولكنه رفض ذلك .فما كان من مقبول إلا أن أتاه من الخلف وحمله حتى أجلسه بين والده والشيخ مبارك الصباح …, فكان عبدالعزيز يضرب مقبول بكيعانه ويقول ” إتركني الله ياخذك ” …. وبعد أن وضعه مقبول بين والده والشيخ مبارك , أخذ ينظر إليه بنظرات حادة فيها شيء من عدم الرضا . وكانت هذه أول رؤيتي لعبدالعزيز فرأيته شاباً يافعاً عمره يقارب العشرين سنة تتوقد فيه حماسة الرجولة وتلمح في نظراته علامات النجابة والفروسية ” .
فتح الرياض :
في الطريق إلى الرياض.كان الملك عبدالعزيز يخطط بعيداً حتى عن أفراد كتيبته الصغيرة التي لا تتجاوز الستين جنديا فقد اختفى في واحة يبرين ثم اتجه إلى الرياض , وكان لسان حاله يقول ما قاله امرؤ القيس وهو متجه إلى القسطنطينية :
بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه
وأيقن أنا لاحقان بقيصرا
فقلت له لا تبك عينك إنما
نحاول ملكاً أو نموت فنعذرا
في التخطيط لفتح الرياض عام 1319هـ , كان الملك عبدالعزيز كمن درس أسس الإستراتيجيات القيادية من مؤسسات أكاديمية فقد اعتمد1 – السرية . 2- المفاجأة . 3- أسلوب عمليات الصاعقة .
ورغم أن التكتيك العسكري أو الخطة المرسومة هي انتظار عجلان بن محمد في بيته ثم قتله في عملية كوماندوز نوعية إلا أنه حين رأى باب قلعة المصمك مفتوح غير التكتيك فورا وهجم هو ومن معه من الجنود الأربعين وتمكن عبدالله بن جلوي أن يقتل عجلان بمسجد القلعة ثم يعلن ” الملك لله ثم لعبدالعزيز بن سعود . واقتيد رجال الحامية إلى السجن بعد استسلامهم ومن ثم بدأ يشارك شعبه وجيشه الجديد الذي بدأ يتزايد ساعة بساعة أسوار مدينة الرياض واستدعى أسرته من الكويت .
روضة مهنا :
كانت من أهم المحطات بعد فتح الرياض هي معركة روضة مهنا في عام 1324هـ حيث كان الملك عبدالعزيز في قطر لنجدة أميرها ضد ثورة من أسرته , فاستنجد أهالي القصيم بالملك عبدالعزيز حيث أن عبدالعزيز بن متعب غزا القصيم مستغلاً غياب الملك عبدالعزيز واستقر بروضة مهنا وقتل 60 من كبار السن كانوا يجمعون الحشائش لمواشيهم وأنه يهدد بعزو مدن القصيم .. عاد الملك عبدالعزيز مسرعاً وكانت الأجواء تحت وطأة رياح شديدة جعلت الرؤيا متدنية إلى حدود أمتار قليلة ورغم أن جيش الملك عبدالعزيز بزيد عن ألف مقاتل فقد ضاع أكثر الجند تحت مشكلة تدني الرؤية منقطعين عن الجيش الرئيسي الذي مضى في ظل تلك الأجواء حتى تبين له حين تكشفت الأجواء أنه بين القصيم وحائل وأن العدد المتبقي مع الملك عبدالعزيز لا يزيد عن ثمانمائة جندي .. فاستخدم الملك خطنه القديمة فرق جيشه لكي لا يكون ملحوظا لكثرة عدده فيهاجمه ابن الرشيد وهو بعيد عن مراكز دولته وبأرض العدو , وصار يمشي ليلا ويكمن نهارا , وفي ليلة من أيام عام 1324هـ وجد الملك عبدالعزيز دون أن يدري فوق معسكر ابن الرشيد في روضة مهنا , وهنا تسمر فوق الكثبان الرملية وعبثا حاول أفراد جيشه جره , كان يرى أنها فرصة العمر التي يجب عليه أن ينتهزها كان جيشه مكوناً منه ومن عشرة من زعماء قرى العارض وأقاربهم الشباب , لذا رفض الشباب والجند مهاجمة ابن الرشيد إلا إذا وافق الملك عبدالعزيز أن يرسم الخطة لهم وينسحب هو والزعماء العشرة فوافق .. ورسم لهم الخطة التي كانت أشبه بخطة فدائية لمجموعات من الصاعقة من الجيش السعودي , كانت الخطة تقسم الفرقة إلى قسمين قسم يقوده حامل راية الملك عبدالعزيز عبدالرحمن بن مطرف وهم مائة والقسم الثاني عدد مماثل , يقوم كل قسم باتخاذ موقع مناسب من الشرق والغرب للمعسكر وإذا أطفئت أنوار معسكر ابن رشيد تقوم الفرقة الأولى بالسير إلى خيمة ابن رشيد ومهاجمته بخيمته وقتله , بينما الفرقة الثانية تنتظر إطلاق الرصاص , فإذا سمع رصاص الهجوم على خيمة ابن رشيد يقوم القسم الثاني بإطلاق نار كثيف من الجهة المقابلة سيصحو جيش ابن الرشيد وهو لا دري أين هو عدوه فالفرقة الأولى تطلق النار أثناء انسحابها والفرقة الثانية تغطي انسحاب الفرقة الأولى وإذا تم ذلك انسحبت الفرقتين نحو الرياض.
في منتصف الليل بدأت الفرقة الأولى بالتسلل واتجهت نحو خيمة كبيرة بها بصيص من نور اعتقد أنها خيمة عبدالعزيز بن متعب , ومن ثم لدى اقترابها منها خرج خادم يحمل شمعه وإبريق ..ووراءه رجل يحمل سيف . فارتج أفاد الفرقة وارتجت يدي حامل الراية السعودية وأحدثت النحاسيات أعلاها قرقعة فالتفت الرجل حامل السيف وظن أنه حامل راية جيشه وصاح به : وش هالدبرة يالفريخ .. ؟ , عرف أحد الرجال أنه صوت عبدالعزيز بن متعب نفسه فصاح / ابن رشيد ياطلابته . فأطلق عليه النار فأردي قتيلاً , ومن ثم بدأت الفرقة تنسحب والفرقة الثانية تغطي انسحاب الأولى , كان أحدهم تمكن أن يأخذ خاتم ابن رشيد من اصبعه وانسحبوا دون خسائر بالأرواح , بينما ظل القتال في معسكر جيش ابن الرشيد يقاتل نفسه لساعات ظنا أن العدو فيما بينهم .على أن الملك عبدالعزيز أعاد فرقة أخرى لقطع رأسه والمجيئ به للتأكد من مقتل ابن رشيد ..
د.صالح السعدون