القيادة والإدارة الحديثة للمؤسسات التعليمية 1/11 :
القيادة والإدارة الحديثة للمؤسسات :
كتاب جديد للدكتور صالح السعدون في حلقات .. سلسلة عن القيادة و الإدارة الحديثة للمؤسسات التعليمية بتفاعل مع بعض التربويين ..
المؤلف د.صالح بن محمود السعدون
مدير عام التعليم الأسبق بمنطقة الجوفالقيادة والإدارة الحديثة للمؤسسات التعليمية :
تقدم العالم المتحضر بالإدارة منذ ما قبل الحرب العالمية الأولى ؛ حيث أصبحت الإدارة والقيادة هي أهم عوامل النجاح لدى الدول الكبرى آنذاك لوضع بلدانهم في مقدمة الأمم , ولم تكن ألمانيا قادرة على النجاح في الحرب العالمية الأولى لولا جهود شخصية هامة في الإدارة تولت مسألة توفير احتياجات الميدان بدءاً من الخبز وحتى قطع السلاح الثقيلة ، وذلك حين قام يهودي ألماني هو ولتر راتناو ( Welter Retnau )بتنظيم موارد البلاد الاقتصادية طبق خطة محكمة التنظيم ((ووضعت بدائل لألوان شعبيـة عديدة من الأغذية ومواد خام ضرورية كثيرة)) وقد قام بتنظيم قوي لكافة موارد الصناعة والعمال من أجل التغلب على المشكلات الناجمة عن الحرب والحصار (1) انظر فيشر المرجع نفسه ، ص525 ؛ Anthony Wood, Eutope 1815-1960,second edition, 1984, p.321-322
وفي الوقت الذي بيّن راتناو أن (( العمليات الحربية تمر بثورتها الصناعية وأصبحت مسألة تمويل ونقل وإمداد على نطاق ضخم ، وبالتالي فإنها تتطلب مركزية في توزيع المخصصات وفي التخطيط والرقابة على الاقتصاد بكامله ))
(2) دافيد فرومكين ، المرجع السابق ، ص 270 .
وقد نجحت ألمانيا في مسألة التمويل والنقل والإمداد وفق رقابة على الاقتصاد بكامله ، بينما كانت روسيا الدولة المعادية تعيش فوضى مخططة نظراً لانعدام قدرة الدولة على السيطرة على الفئات التي تعمل على شل إدارتها تمهيداً لإسقاطها وإخراجها من الحرب وإقامة نظام شيوعي فيها بدلاً من القيصرية الروسية ، وكما يقول كيندي واصفاً موقف ألمانيا أثناء الحرب : أما عن ألمانيا ((فما أعجب بلاؤها في الحرب … يعزى جزء من هذا إلى الامتيازات الموضحة آنفاً خطوط مواصلات جيدة ، … وقاعدة صناعية واسعة لتلبية متطلبات حرب شاملة وقفز إنتاجها من الذخائر تحت إشراف دقيق من القيادة العليا والتجار البيروقراطيين الأذكيـاء أمثال والـتر راتينـاو )) (3) بول كيندي ، المرجع السابق ، ص 408.لقد كانت الإدارة والقيادة الإدارية للحرب هي أول عوامل النجاح والنصر .
وكانت روســيا الأقل قـدرة بين دول الحلـفـاء على مواجـهة تحديات الحـرب العسـكرية والاقتصـادية والاجتمـاعية (( بسبب ضعفـها في عناصـر البنية التحتية ، من أنظمة النقل وأنظمة الاتصالات و الصناعات الهندسية وأسواق رأس المال )) إلى جانب فقدانها الكفاءة في عنصر القيادة ، ورغم أنها تنتج أكثر من حاجتها من المواد الغذائية ، فقد كان النقص (( نتيجة للخلل في النقل والتوزيع ، وهذا الخلل عائد في جانب منه إلى الاختناقات والانهيارات ، ولكنه أيضاً عائد إلى مناورات متعمدة ، المضاربات والاستغلال لجني الأرباح وتخزين السلع )) في ظل عجز كامل للقيادة الروسية وتقصير كبير وإغفال منها لمدى الحاجة للضرب بقوة على أيدي المستغلين في ظل ظروف الحرب . مما ساهم في زيادة الأسعار خلال سنوات الحرب (4) دافيد فرومكين ، المرجع السابق ، ص271، وتفاقم الأزمة الاجتماعية .
ولذلك فرغم وفرة الطعام وزيادة المخزون عن الحاجة إلا أن التجار اليهود والرأسماليين الأجانب الذين يسيطرون على تجارة الحبوب والغذاء والذين ينسب لهم الدور الهام في الحركة الثورية الروسية تمكنوا من تخزينه وإخفائه من السوق، فاضطرت الحكومة إلى العمل بنظام تقنين الطعام ، فانتشرت الإضرابات والفوضى ، وهكذا تمكن التجار اليهود من خنق روسيا ، فمن ناحية ارتفعت الأسعار إلى درجة ربوية أدت إلى زيادة مكاسبهم ،ومن ناحية أخرى أثاروا نقمة المجتمع على الدولة استعداداً للانقضاض عليها(( فازداد الأغنياء غنى والفقراء فقراً)) (5) لطف الله سليمان ، المرجع السابق،ص27 ؛ Poul Dukes,A History of Europe1648-1948,first published,1985,p.369
وحين رفضت ألمانيا مساعدة اليهود بوعد يشبه وعد بلفور في فلسطين تم سحب القيادة اليهودية والتنظيم الإداري الذي كاد أن يجعل ألمانيا تكسب الحرب , ومن ثم بدأت الجبهة الألمانية بالتراجع ومن ثم خسارة الحرب فالهزيمة والاستسلام كروسيا تماماً التي أخرجت من الحرب . وبهذا فإن الإدارة أو القيادة الإدارية ذات أهمية قصوى لكسب معركة الحرب فضلاً عن كسب معركة التنمية والبناء والعمران .
ولعل من الأهمية بمكان للقائد أن يركز على كثير من الأمور بعين بصيرة ؛ بحيث لا يفوته القدرة على السيطرة من خلال غرفة العمليات الإدارية أية قاعدة ذات أهمية بالقيادة لمؤسسته . ولعلني لن ألجأ في دراستي هذه إلى الأسلوب العلمي البحت في القيادة الإدارية للمؤسسات وخاصة منها ما نحن بصدده حيال الإدارة التربوية أو القيادة التعليمية ؛ بل سنذهب في بحثنا بين العلم النظري والخبرة التطبيقية سواء كانت خبرة خاصة أو خبرة لخبراء تربويين من خلال كتبهم ومذكراتهم وبحوثهم .
المدير الجديد :
دعونا نهنئ مديراً جديداً استلم عمله الإداري للتو , فقد وصل إلى مكتبه الجديد ورحب به مدير مكتبه وسكرتاريته ؛ الذين يبدو عليهم القلق كالعادة أمام كل مدير جديد , سيبذلون جهدهم إلى أن يقنعوه أنهم صالحون للعمل معه , وسيبذلون طاقتهم هم ورؤساء الأقسام والإدارات التعليمية أنهم من الكفاءة ليس فقط إلى أن يستمروا في أعمالهم فحسب ؛ بل في أن يُسند لهم أعمال أرقى ومسئوليات أكبر , ومنذ تلك اللحظة سيبدأ صراع إداري رهيب من أجل الإقناع والاستحواذ على أكبر قدر من الإعجاب لدى هذا المدير الجديد لينطلقوا نحو آمال عريضة تحدوهم .
سيجد المدير الجديد أن إدارته قد ملئت بقدامى الموظفين الذين استمروا بوظائفهم لسنوات عديدة قد تصل إلى عقدين أو أكثر ؛ وفق العديد من المصالح التي تجعلهم في حالة استقتال ليس للبقاء فقط وإنما لوضع مديرهم الجديد تحت سيطرتهم أو إعلان الحرب عليه إن رأوا أنه يتعارض مع تلك المصالح , تلك المصالح التي قد تكون على عدة أشكال :
أ) مصالح معنوية تستدعي بقاء هذه الشخصيات في إطار المواقع الاجتماعية الهامة في البلد مما يعطي هذه الشخصية زخماً ليس له حدود , ويبقى في دائرة الضوء والاهتمام كونه يقدم ويؤخر ولديه سطوة فيبقي و يغير ؛ ومن هنا تأتي استماتته خلف تمترسه وتمسكه بهذه الوظيفة لأنه يعتقد أن ديمومة مكانته قد جاءت من خلال هذا الموقع الإداري القيادي , وبفقده لموقعه يفقد كل شيء أمام المجتمع .
ب) مصالح مالية : فمعروف على مستوى العالم أن الكثير من البلدان تعاني من فساد بعض الموظفين في إداراتهم المالية , ولذا ففقدانهم لموقعهم الوظيفي ذي الصلة المباشرة بشئون المشتريات والشئون المالية والصيانة وخلافها سيفقده الكثير من الأمور أهمها الفساد المالي المستديم في إدارته والتي هو بالطبع مستفيد منها , إلى جانب ذلك فقدانه أهميته أمام رجال المال والأعمال الذين يستفيدون منه بالكثير ويخدمونه بالكثير , ومن هنا تأتي خسارة الموظف لمكانته هناك إلى خسارة فادحة يصعب عليه تعويضها أبداً .
أما مدير التعليم الجديد فهو واحد من شخصيتين ؛ إما أنه رجل عملي يريد تكوين فريق قوي رائع , لذا فسنجده يعمد إلى تشكيل فريق جديد حوله من نفس المجموعات الموجودة بإدارة التعليم وسيبحث بروية ولكنه دون استنفاد الوقت لتشكيل مثل هذا الفريق .
وإما أنه مدير روتيني يريد تسيير الإدارة بهدوء بعيداً عن الاصطدام مع مراكز القوى بإدارة التعليم أو بالمجتمع المحلي , فيبقي كل في موقعه , ويمنحهم صلاحياتهم أو ويسعها لهم راغباً الاستفادة قدر ما يستطيع من الطريقة السابقة التي كانت موجودة سواء كانت سلبية أو إيجابية من أجل راحة البال .
المهام الأولى التي يجب عليه أن يتصدى لها :
لا شك أن كل مدير إدارة جديد عليه أن يتجه بادئ ذي بدء إلى دراسة أحوال المؤسسة سواء كانت إدارة تعليمية أو إدارة مدرسية أو كلية أو حتى إدارة حكومية أو شركة , عليه أن يبدأ بوضع إستراتيجيته الخاصة بإدارة المؤسسة , ونحن هنا نعود إلى الإدارة التعليمية , فعلى مدير التعليم أن يبدأ بما يلي :
أ) تشخيص موقف المؤسسة , حيث أن دراسة وتحليل موقف المؤسسة كجزء من بناء إستراتيجية مؤسسته التعليمية بحيث يرى من خلال عملية الدراسة والتشخيص , نقاط قوة مؤسسته ونقاط ضعفها أو ما يطلق عليه البيئة الداخلية ودراسة تلك العناصر من الهيكل التنظيمي ومدى مظابقة قدرات الأشخاص مع الهيكل التنظيمي للمؤسسة والنظم الإدارية والمعلوماتية وأدوات وأساليب تقديم الخدمة والموارد البشرية فيها والفلسفة أو السياسة التعليمية والصلاحيات الممنوحة للإدارة , كما يدرس من خلال هذه العملية الفرص المتاحة أو التهديدات التي قد تهدد مؤسسته التعليمية أو ما يطلق عليه البيئة الخارجية من المجتمع المحلي المستفيد من الخدمة التي تقدمها إدارة التعليم بكافة قطاعاتها , وأجهزة الإعلام الموجودة والنظم والسياسات مع البيئة الخارجية كا لأمارة والوزارة وخلافها والمستفيدين من الطلاب وغيرهم أعدادهم نوعياتهم أماكن تواجدهم ومعدلات نموهم وكافة الأجهزة الحكومية المستفيدة والقطاع الأهلي وغيره .
ب) بناء الخطة الإستراتيجية لإدارة التعليم , والتخطيط هو عصب النجاح لأي إدارة حديثة فهو يمثل نظرة من الماضي والحاضر للوصول إلى صورة ترى قيادة المؤسسة أنها راغبة في الوصول إليها في المستقبل على أساس ما تحدثه عملية التخطيط من تطور وتغيير في ظل الموارد المالية والبشرية للمؤسسة ؛واستخدامها استخداماً أمثل ؛ حيث يسأل مدير التعليم والفريق الذي اختاره للتخطيط معه أسئلة هامة من قبيل من نحن ؟ وكيف نريد أن نرى أنفسنا في المستقبل ؟ وكيف نتمكن من الوصول إلى تلك النقطة أو الصورة ؟ وماذا نحتاج لنصل إلى هناك ؟
(6) حلقة التخطيط الإستراتيجي , جامعة الحدود الشمالية 1429 هـ؛ بحيث يتمكن من خلال هذه الخطة وضع حلول وعلاج لكل تفاصيل الخطة الإستراتيجية , 1) فنقاط القوة يجب عليه استثمارها والعمل على المحافظة عليها وتفعيلها بشكل أفضل يزيد من عطاء وإنتاج مؤسسته ؛ بحيث يتمكن من خلال تلك النقاط العمل على تسيير دفة وماكينة العمل .2) نقاط الضعف : يعمل من خلال بناء إستراتيجيته أن يسجل كل نقاط الضعف داخل المؤسسة أو داخل الأفراد العاملين بالمؤسسة بحيث لا يكون جهده منصباً فقط على تلافي نقاط الضعف فحسب ؛ وإنما يبذل جهده أثناء وضع الخطة الإستراتيجية إلى تحويل نقاط الضعف إلى قوة ؛ من خلال أدوات وبرامج تدريبية ومتابعة وجهد كي يجعل المؤسسة خالية من نقاط الضعف التي ستودي بالمؤسسة التعليمية إلى أودية الفشل . 3) اقتناص الفرص المتاحة من برامج تدريبية أو دعم حكومي أو أهلي , والعلاقات مع المنظمات الأخرى , والدعم والمساندة الحكومية وغيرها ومدى الرضا عن المؤسسة من قبل المستفيدين من خدماتها . 4) وأخيراً دراسة المخاطر والتهديدات المحتملة على المؤسسة التعليمية .كظهور أزمات اقتصادية تشل عمل المؤسسة أو وجود شللية أو تكتلات بين العاملين وخلافها .
يتبع ……..
د.صالح السعدون
مدير عام التعليم الأسبق بمنطقة الجوف .
د.صالح السعدون
من الجوف
عرض رائع دكتورنا الفاضل لموضوع حيوي
في غاية الأهمية ..
زيارة قصيرة ولي عودة بعد اكتمال الموضوع
دم نبراساً[/color]
د.صالح السعدون
بنت الشاطئ
[face=Arial]القيادة والإدارة الحديثة للمؤسسات التعليمية
موضوع في غاية الأهمية ذلك أن القيادة
لها تأثير كبير ليس فقط في حياتنا العملية
بل في كل شيء قد تأخذنا إلى الهدف وقد تبعدنا عنه
هي طريق إلى النجاح أو الفشل
هي أن نكون أو لانكون
شاكرون لك د. صالح
متابعون ….[/color]
د.صالح السعدون
عاشق غزة
[face=Arial]الحمدلله..
يعطيك ربي العافية….
واصل الطريق نحن معك على الخط…[/color]
د.صالح السعدون
عرض رائع دكتورنا الفاضل لموضوع حيوي
في غاية الأهمية ..
زيارة قصيرة ولي عودة بعد اكتمال الموضوع
دم نبراساً[/color]
[face=Arial]صديقي من الجوف
تحياتي الطيبة
الموضوع طويل .. وعلى أجزاء وهو ربما سيكون فكرة أولية قد ينبثق عنه مشروع كتاب .. فادل برأيك حيال كل جزء على حدة
بورك فيك ودم دائما بسعادة
ابو بكر[/color]
د.صالح السعدون
موضوع في غاية الأهمية ذلك أن القيادة
لها تأثير كبير ليس فقط في حياتنا العملية
بل في كل شيء قد تأخذنا إلى الهدف وقد تبعدنا عنه
هي طريق إلى النجاح أو الفشل
هي أن نكون أو لانكون
شاكرون لك د. صالح
متابعون ….[/color]
[face=Arial]
أختي الفاضلة بنت الشاطئ
حلقات هذا الكتيب عن القيادة هو استجابة لطلبك السابق
وعدتم بمداخلات غير عادية وتفاعل وهذا ما نريده
لدينا خبرة وعلم .. ولديكم كذلك
حاولت أن انحى بأسلوب تأليف هذا الكتيب وهو يطرح على شكل حلقات من أجزاء لأول مرة هنا ثم سأقوم بتعديله وتنسيقة لطباعته ككتاب
حاولت أن أجعل اسلوبه مختلفاً وشيقاً بين العلم والتجربة
أملي أن ينال إعجاب أعضاء وزوار المنتدى والهدف هو كيف يمكن لأي مدير تعليم جديد أن يستفيد من الخلط بين العلم والتجربة الموجودة هنا على أرض الواقع الذي سيعايشه ويتعامل معه
وكما قلت هي أن نكون أو لا نكون
بورك قلمك
أبو بكر[/color]
د.صالح السعدون
[face=Arial]الحمدلله..
يعطيك ربي العافية….
واصل الطريق نحن معك على الخط…[/color]
حين تكون مع أخي العاشق نشعر
أن خلفنا جبل تؤازرنا وتقف معنا
بورك فيك وأمدك الله بالصحة
ابو بكر[/color]
د.صالح السعدون
بنت الشاطئ
أختي الفاضلة بنت الشاطئ
حلقات هذا الكتيب عن القيادة هو استجابة لطلبك السابق
وعدتم بمداخلات غير عادية وتفاعل وهذا ما نريده
[color=6D5423]شاكرة لك كثيرا د. صالح سرعة استجابتك لطلبي
ممتعة هي القراءة والتبحر في عالم القيادة
مازلت عند وعدي
تحياتي[/color]