في بداية مقالي سأحيي السيدة الفاضلة فاطمة قاروب وأدعو الله أن يلهمني الصواب .. سأحيي بها ليس لأنها صاحبة فكرة كفاية إحراج .. بل لأنها قادرة على صياغة فكرة آمنت بها ومن ثم نشرتها بقوة متحملة تبعاتها تاريخياً .. فهي إما أنها داعية للخير وستؤجر عليه إن أخطأت أو أصابت مع العلم أن الله أقرب إليها من حبل الوريد .. وإما أنها من بنات هدى شعراوي واتخذت سبيلاً في غاية الدهاء والخبث من أجل تحقيق ما عجز عن تحقيقه كل من 1- الشيطان إبليس في مثلث برمودا.. 2- وبتحالف وطيد مع بوش الغبي كأغبى رجل عرفته البشرية وبقوة أمريكا الغاشمة 3- مع الآلة الإعلامية المدمرة متمثلة بعبدالرحمن الراشد وقناته العبرية التي يعتقد أن أموالها أمريكية .
أما في حالة كونها مجاهدة فالقضية ذاتها رغم أنها رائعة إلا أن الشعب السعودي وحتى رجال الدين كانوا صامتين عن تلك المشكلة التي لم تكن في يوم من الأيام تشكل هاجساً أو هماً لأننا مارسنا مع زوجاتنا شراء تلك الأشياء فما وجدنا من مشكلة كبيرة .. فالبائعين يضعون كل شيء أمامنا ونحن نختار بصمت .. أما من تتسوق وحدها وبدون محرم فكل الأشياء متشابهة سواء كانت ملابس داخلية أو خارجية أو أنها لم تشتر وإنما تتسوق فحسب ؛ فهي ستتعرض لخبث الخبثاء ..
ولكن في الحالة الثانية فدعونا نبحر في كنه هذه القضية / الحملة .. أهدافها .. أسرارها .. نتائجها المتوقعة .. مسانديها ..
فأولاً : الموقع الذي تم اختياره هو الفيس بوك لنشر الحملة .. وهو كمن ينشر غسيل الملابس الداخلية بالشارع .. فمن ناحية أولية نحن مستهدفون في كل مبادئنا .. فلماذا نستخدم أدوات غربية لإدارة حملات وطنية ؟ وخاصة أن لدينا من القدرة على نشر تلك الحملات بما يكفي , فليس من شعب يسيطر على وسائل الإعلام مثل شعبنا ولله الحمد .
ثانياً : إن تأييد أمانة جدة للحملة لتعطينا مآرب أخرى .. وتوضح أن الأمر قد أُعد بليل .. فهذه الجهة أثبت تاريخها القريب ( خاصة غرق مدينة جدة في ذلك الطوفان ) وكذلك البعيد .. أنها أبعد جهة في المملكة العربية السعودية عن الإصلاح .. فلتصلح نفسها قبل أن تتبنى حملة مشبوهة .. بزعم أنها استجابة لحملة وطنية .
ثالثاً : فجأة وجدنا تنظيماً سياسياً حقيقياً و كبيراً قد تم ترتيبه خلف هذه الحملة باعتباره يقوم بهدف نبيل ويجري اتصالاته لهدف معين .. وأكاد أجزم أنه بعد نهاية الحملة سيتعين على هذا التنظيم أن يفكر في تحويل نفسه إلى حزب سياسي قد يكون ظاهره ديني وباطنه علماني ليبرالي مقيت , وسيتناول الأوضاع السياسية بالبلد , وربما تكون فاطمة قاروب هي منظرة للمستقبل السياسي القريب في كل الأمور التي يتفق عليها الإسلاميون ظاهراً في حين هي تخدم أعداء الوطن باطناً .. حيث ستدخل أنفها بكل صغير من أجل تغييرات كبيرة بالبلاد , وقد كتبت جريدة الرياض عددها الثلاثاء 18 ذو القعدة 1431هـ في خبر حول الحملة ما يلي : (( من جهته أصدرت اللجنة الإعلامية للحملة بيانا صحفيا أشار إلى أن فريق عمل الحملة عقد عددا من الاجتماعات مع مدير التوطين والتوظيف ومديرة التوطين والتوظيف في الغرفة التجارية في جدة، وذلك من أجل متابعة الإجراءات اللازمة للسعي في تنفيذ القرارات الهادفة إلى منع الرجال من البيع في محال المستلزمات النسائية.
وأشارت اللجنة إلى أن فريق الحملة التقى بعض التجار في الملابس برئاسة رئيس لجنة الأنسجة والملابس بغرفة جدة محمد الشهري وجميع أعضاء لجنة الأنسجة وهم من الداعمين الرسميين لحملة ” كفاية إحراج”، ولفتت اللجنة الإعلامية إلى أن تلك الاجتماعات دارت فيها تساؤلات عن ماهية المشاكل التي تقف عائقاً في تنفيذ القرار وإعطاء البدائل لذلك، التي تجاوب معها الجميع وأيدوا فكرة تأنيث تلك المحال ودعمها، مبينة أن “باب رزق جميل” بدأت في تأهيل وتدريب الفتيات على البيع والشراء استعداداً لتأنيث المحال النسائية، كما أبدت استعدادها أيضاً لاستخراج التصاريح اللازمة للعمل )). وهنا نجد المغزى كله إن الهدف هو أن تدخل الفتاة السعودية السوق بائعة وكاشيرة .
رابعاً : الحملة تدعي أنها نصيرة للمرأة السعودية من أجل إزالة الإحراج عنها حين تشتري الملابس الداخلية .. ولكنها تريد أن تدخل بخبث هذه المرأة في عقر أوكار الذئاب ..وتجعل المرأة براتبها وعملها مستعبدة من قبل الأجانب الذين هم في حقيقة الأمر يسيطرون على الأسواق .. أسواق الملابس النسائية وهم في الغالب الهنود والعرب خاصة الأخوة الحضارم وغيرهم وسنرى كم من المشاكل والسراديب المظلمة التي ستدخل – فاطمة قاروب – الوطن وبنات جنسها فيه لكي لا تحرج صاحبة السعادة من شراء الملابس الداخلية .. سنرى كم تكون النتيجة مرعبة حين تتكرر الصورة التي رأوها كثيرين للقاء الشهير الذي حدث مع صاحب السمو الأمير الوليد بن طلال مع مذيعة أجنبية وهو يشير إلى بعض العاملات وهو أمير من أنبل أسرة فكيف لنا أن نتصور أن يحدث من رب عمل بوذي أو هندوسي ؟ . سنرى أن كل صاحب عمل هندي أو حضرمي ربما سيجبر العاملات السعوديات بالملابس النسائية على خلع الحجاب أثناء المقابلة الشخصية للعمل .. وربما إجبارهن على تأدية أعمال خاصة لصاحب العمل أو سيقوم بفصلها كونها غير صالحة للعمل من قبيل الابتزاز وكم سنرى من مسارب الفساد من وراء دعوى شعراوية جديدة باسم الدين هذه المرة !!!. كل ذلك من أجل أن تنعم فاطمة قاروب بالشهرة والقيادة والتغيير الصامت الذي سينطلي على الأغبياء فقط . فهل ما تقوم به فاطمة قاروب هو تدريب سياسي لسعوديات سيمارسن العمل السياسي بعد سنوات .. كما تم تدريب حنان عشراوي وزملاءها على المفاوضات مع إسرائيل قبل خمس سنوات من قيام تلك المفاوضات علناً بين العرب وإسرائيل ..؟!!!!!!!!!!!!!!!.
من هذا كله نحن نتساءل إذا كانت فاطمة قاروب هي مجرد أداة بيد قوى هدامة للعادات والتقاليد السعودية .. بحيث تهدم البيت من الداخل .. وفق منهج عمل ممنهج وهي خبيرة فيه من خلال قدراتها بالبرمجة العصبية والتدريب ومن خلال مبدأ : (( فداوها بالتي كانت هي الداء )) . أم أنها مجرد امرأة بسيطة ذكية في جانب وغبية في جوانب أخرى .. بحيث أنها صرخت بوجه بائع رجل حين ضحك وهو يقدم لها مقاساتها الداخلية .. بينما نسيت أو تناست أنها تقدم بناتنا مجاناً لذئاب التجارة كي يفعلوا ما لم يستطيعوا فعله حتى الآن ؟ .. هل الحل يا فاطمة قاروب .. هو من وجهة نظرك أن تصبح الفتاة السعودية موظفة في محل نسائي يديره أو يملكه رجل هندي هندوسي أو سيخي ؟ . هل تستغلين يافاطمة قاروب مشاعرنا الدينية وغيرتنا الرجولية من أجل تغييرات ليبرالية عجز الليبراليون كلهم أجمعين عن تحقيقها ؟ هل ستقومين بحفل انتصار مشترك مع الليبراليين حين تحققين لهم ما عجزوا عن تحقيقه .. ومن ثم ينبثق بعد ذلك اندماج حزبي كبير بين أعضاء حزب حملة ” كفاية إحراج ” وبين أتباع مصطفى كمال أتاتورك وهدى شعراوي ؟!
أيها الأخت الفاضلة : إن كنت فاضلة و كانت توجهاتك وطنية ودينية مخلصة فقد أخطأت الطريق .. وسيستغل منهجك هذا أعداؤنا من قبيل ” كلمة حق أريد بها باطل ” , وإن كانت توجهاتك خبيثة ووفق هذه المخاوف التي سطرتها أعلاه .. فاتقي رباً يحذرك أنت وأمثالك ويقول سبحانه ” ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ” فاتقي رباً قال بمحكم التنزيل ” لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ” آل عمران .. فقد كان عمر بن الخطاب يبكي حتى يسقط ويمرض إذا سمع أو قرأ هذا التحذير .. فأفيقي من غيبوبتك ..فجزيرة العرب ليست لكم معاشر العلمانيين .
د.صالح بن محمود السعدون
جامعة الحدود الشمالية