السياسات السعودية تجاه الأزمة السورية بمفترق طرق .. بين النجاة والغرق


السياسات السعودية تجاه الأزمة السورية بمفترق طرق .. بين النجاة والغرق

السياسات السعودية تجاه الأزمة السورية بمفترق طرق .. بين النجاة والغرق

كتب د.صالح السعدون
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
طالعتنا تقارير صحفية مرعبة عما يجري بالقيادة السعودية ..
أحد هذه التقارير تتحدث عن أن هناك انقساما حادا في توجهات القيادة السعودية تجاه الأزمة السورية .
وقد كان الشعور لأول وهلة هو الرفض لهذه التقارير :
وعبر مسؤول سعودي طلب عدم ذكر اسمه لصحيفة ”العرب” اللندنية عن أن الإدارة الأميركية لم تتحرك بسرعة لتلبية ما طلبته منها السعودية مؤخرا.
مما يعني أن التصريح العلني قصدت جهات ما بالقيادة السعودية أن تقول للعالم أن هناك جهات سعودية ترفض دعم السعودية للرئيس السوري بشار الأسد رغم أنها سياسة الملك حفظه الله وأدام بقاؤه وعزه .ثم يوضح التقرير اسباب الخلاف مع الأمريكيين :
فقد رفض الأميركيون تزويد السعوديين بصور عبر الأقمار الاصطناعية لتحركات الجيش السوري كانت قد طلبتها لتزويد الثوار السوريين بها.
لقد أراد صاحب التصريح أن يكون أمريكيا أكثر من الأمريكيين, فهو يريد أمريكا مرغمة تعطيه صورا لتحركات الجيش السوري لحظة بلحظة ليبلغ الثوار الخونة من فرس وحزب الله وبلاك ووتر وقاعدة بتلك التحركات كي ينتصر الثوار ويقضوا على الحكومة السورية .
ويستمر التقرير وفق المصدر السعودي المصرح لجريدة العرب :
وغضب السعوديون أيضا من فرض الحكومة الأميركية لفيتو على الحكومتين الأردنية والتركية بعدم توريد وتسليم أسلحة معينة للثوار السوريين مما حد من قدراتهم في مواجهة قوات الأسد، ما يهدد بفقدان المواقع الاستراتيجية التي سيطروا عليها.
مما يشعر القارئ لهذا التقرير بأن هؤلاء المسئولين السعوديين ثوريين أكثر من الثوار أنفسهم .
وحين نبحث عن دلائل عن منهم هؤلاء المسئولين السعوديين يجيب تقرير آخر بقوله :

وقال عدد من المصادر من القيادة السياسية والعسكرية للمعارضة السورية ومصدر سعودي -في معرض وصف التحول في دفة الرقابة على الصعيد العسكري- إن اي طرف سواء كان دولة أو ثرياً عربياً يريد تقديم تبرعات خاصة لمساندة المعارضة السورية ينبغي أن يحصل على موافقة الأميرين السعوديين على ما يقدم من إمدادات والطرف الذي يود أن يرسل إليه الأسلحة في سوريا.
ويتولى الأمير سلمان بن سلطان المسؤول الأمني البارز في السعودية مسؤولية العلاقات مع المعارضة السورية ويدعمه شقيقه الأكبر بندر بن سلطان رئيس المخابرات العامة.
هذا بالتأكيد إلى جانب الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية الذي أعلن منذ وقت طويل أنه مع دعم الثورة بالسلاح .
وبهذا نظل نتلمس الحقائق لننهي عصر التكهنات ونؤكد على كل نظرياتنا تجاه العلاقات السعودية السورية , ففي لقاء الرئيس بشار الأسد مع قناة المنار حاولت مذيعة المنار أن توقع بين سوريا والسعودية , وذكرت الرئيس بتصريحات الأمير سعود الفيصل الأخيرة التي قال فيها أنه لامكان لبشار الأسد في سوريا ما بعد الثورة , فرد الرئيس الأسد ردا مهبا حين قال : أنه يعرف أن الأمير سعود الفيصل مختص بالشئون الأمريكية وليس بالشئون السورية ثم اضاف إن كان يريد أن يتعلم الشئون السورية فلا بأس .
ولكن حين سألت المذيعة الحزبلاتية من قناة المنار تريد الوقيعة أكثر بين السعودية وسوريا حول ما إذا يمكن مقارنة العلاقات بين سوريا من جهة وكل من قطر وتركيا والسعودية , أجاب بإسهاب عن عدائية قطر وتركيا تجاه سوريا , ولكنه تحدث عن السعودية دون أن يسميها بكل التقدير واصفا الموقف بأن هناك شبه تفاهم سري بين الطرفين .
ومع ذلك لم تكن تصريحات الرئيس السوري شافية أو كافية لتقنع الأطراف المشككة بنظرياتنا في العلاقات السعودية -السورية , حتى جاءت قناة الميادين لتعطينا مقابلة بين المذيع الشيعي المذهب الإيراني الهوى غسان بن جدو مع الدكتورة بثينة شعبان مستشارة الرئيس السوري للشئون الإعلامية:
وقد دافع بن جدو عن قطر وقاطع السيدة د.بثينه مرات عديدة كي لاتهاجم قطرائيل , كما هاجم تركيا ثم جاء للسعودية وحاول أن يوقعها بقوله هل السعودية بموقفها من سوريا كقطر وتركيا :
فقالت بإجابة واضحة وقوية لا , علاقاتنا بالسعودية تختلف عن علاقاتنا بقطر وتركيا .
فالعلاقات بين الملك عبدالله وفقه الله والأمير عبدالعزيز بن عبدالله نائب وزير الخارجية مع الرئيس بشار علاقات ممتازة , ثم اضافت إلا أن السعودية لها مواقف متعددة منهم من يؤيد الحكومة السورية ومنهم غير ذلك .
ونذكر أنه مع بداية معركة القصير أرسل الملك عبدالله حفظه الله ابنه عبدالعزيز لدمشق حيث طلب اللقاء فوريا بالرئيس بشار , الذي اعتذر تلك الليلة عن اللقاء بسبب قيادته لعملية الهجوم على القصير وبينوا له أن اللقاء سيكون بالغد لمدة ثلاثين دقيقة . وحصل اللقاء في اليوم التالي , فبارك الأمير عبدالعزيز بن عبدالله لبشار بالنصر وبين له أن الجهات الدولية قد وافقت على إبقاء الأسد وإعادة انتخابه في عام 2014 م .
***
من هنا نتلمس الموقف السعودي باعتباره موقف منقسم حتى على كيفية إدارة الأزمات الدولية وفق المصالح السعودية , وفي الوقت الذي انتقل الملك للمغرب للاستجمام أعلنت دوائر سعودية كوزارة الخارجية والإستخبارات والأمن الوطني أعلنت عن نيتها الإفصاح عن سياساتها علنا , بحيث أصبحت السعودية بعدة رؤوس ولها سياسات متناقضة بحيث لم تعد تلك الدولة موحدة السياسة خلف قائدها .
***
بدون شك هذا كله يثبت نظرياتنا كافة حول السياسات السعودية السورية الإيرانية.
***
ولكن الأدهى والأمر أن الأمراء الثلاثة قد اتجهوا نحو إعلان تأييد سافر للمعارضة السورية حتى ضد مصالح البلاد , حين أعلنت اليوم وزارة الحج السعودية الإخوانية التوجه والهوى والقيادة ما يلي :
اعلن مسؤول سعودي لوكالة فرانس برس الاثنين أن المعارضة السورية هي الجهة المخولة اصدار تصاريح الحج لمن يرغب في تأدية هذه الفريضة من السوريين.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الحج السعودية حاتم قاضي ان “الائتلاف الوطني السوري هو المخول باصدار تصاريح الحج للسوريين ومتابعة اجراءاتهم”.
مسؤول سعودي لوكالة فرانس برس الاثنين أن المعارضة السورية هي الجهة المخولة اصدار تصاريح الحج لمن يرغب في تأدية هذه الفريضة من السوريين
وبدون شك إننا كسعوديين مشاركين للأمراء الثلاثة بالرأي على الأقل فالوطن يستوعبنا ويستوعبهم بأن نطرح أراءنا للقيادة لما فيه خير هذه البلاد .
ومن المحتمل أن يرسل الثوار السوريون أعضاء جبهة النصرة والجيش الحر وقد يزور جوازات سورية لتنظيمات فارسية حليفة للجيش الحر مع حزب الله الحليف الأكبر للثوار إضافة إلى بلاك ووتر . ليقوموا بمناسك الحج , وفي موسم الحج ستقوم قطرائيل وإيران ومحمد بديع والإخوان الماسون المصريون والسعوديون بإدارة أكبر تجمع إخواني بالحج في السعودية , ومن ثم سيبدأ المتآمرون بتطبيق مخطط فتح مكة الذي كان يفترض تطبيقه في موسم حج العام الماضي .
ومن هنا نتساءل :
من المسئول عن اتخاذ مثل هذا القرار الخطير ولمصلحة من ؟! وماهي المصالح السعودية العليا التي وضعت لتكون مبررا لاتخاذ هذا القرار .
نسأل الله أن يقيض للقيادة أمر رشد وحكمة صائبة تتجه لإلغاء هذا القرار الخطير على مستقبل الوطن في مثل هذه الظروف الحرجة.
د.صالح السعدون

720

الكاتب د.صالح السعدون

د.صالح السعدون

د.صالح السعدون مؤرخ وشاعر وأكاديمي / لدينا مدرسة للتحليل السياسي غير مألوفة..

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة