هل آن أوان هدم المسجد الأقصى وإقامة الهيكل الثالث المزعوم ؟

وما بين عام 1997م و2009م يبدو أن المساجلات بين اليهود المتشددين بكل طوائفهم فلا معتدل بينهم قد قرروا على الأقل هدم المسجد الأقصى وإقامة الهيكل ..ما يسمونه الهيكل الثالث .هل آن أوان هدم المسجد الأقصى وإقامة الهيكل الثالث المزعوم ؟

مع الهجمة الصهيونية التي كان بعض المراقبين للوضع الفلسطيني يتوقعونها منذ عام 1997م , بيد أن الانفصام الذي حدث بين إسرائيل والمنظمة الصهيونية الأم في مؤتمر بازل بسويسرا بمناسبة الذكرى المئوية لإنشاء هرتزل للمنظمة الصهيونية عام 1897م حيث أعلنت إسرائيل بعد انسحابها مدحورة من جنوب لبنان أن أباء المنظمة الصهيونية يحلمون فقد عجزت إسرائيل عن بقعة صغيرة في الجنوب اللبناني , فكيف يستطيعون إقامة إسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل . وهنا كاد الافتراق بين الأم وربيبتها يصل حد الطلاق .
وألغيت مشروعات إسرائيل الكبرى , ووضعت على الطاولة مشروع الوطن البديل وفشل ولله الحمد وسيفشل لأن الأردن رغم كونه وطناً للأردنيين والفلسطينيين إلا أن الفلسطينيين لن يبيعوا وطنهم بثمن بخس على حساب إخوتهم .
وما بين عام 1997م و2009م يبدو أن المساجلات بين اليهود المتشددين بكل طوائفهم فلا معتدل بينهم قد قرروا على الأقل هدم المسجد الأقصى وإقامة الهيكل ..ما يسمونه الهيكل الثالث .
من هنا يحق للشعوب العربية أن تأمل وتعمل بكل وسيلة شرعية وقانونية على إقناع قادتهم بأنه لو هدم المسجد الأقصى لاشتعلت الأرض حرباً ودماءً , وستنقطع عرى العلاقات العربية – الغربية حتماً إن لم يكن فوراً فسيكون بعد أشهر قليلة , ولذا فمن الحذق السياسي أن نستبق الأحداث فتشكل لجنة من وزراء الدفاع العرب أو نوابهم بدلاً من وزراء الخارجية فقد أثبتت وزارات الخارجية عدم فعاليتها وعدم قدرتها على استخدام الأوراق القوية للأمة العربية في التفاوض مع الغرب كما تفعل إيران على سبيل المثال .. وقد أثبت خنوع محمود عباس ميرزا البهائي في خضوعه الأخير بطلب تأجيل مناقشة تقرير أممي قد يصل بزعماء إسرائيل إلى المحكمة الدولية .. أن وزارات الخارجية العربية تستقبل آراء الغرب دون مفاوضات . فقد يتمكن العسكريون من قول مالم يستطع السياسيون أن يقولوه .ومن ثم فقد نوقف أخطر حدث قادم على الأمة الإسلامية والعربية . ألا وهو هدم المسجد الأقصى . وقد حدثني زميل لي كان يدرس الدكتوراه في أمريكا أنه كان عام 1988م مر في منطقة أمريكية تشتهر بجودة الأحجار وكانت كتل ضخمة تقطع مربعة وترتب فوق بعضها فسأل أحد السياح ما هذه الأحجار الرهيبة , فقالت المذيعة في الباص : أنه قد تعاقدت إسرائيل مع شركة أمريكية كي تجهز هذه الأحجار لبناء الهيكل الثالث في القدس حين يحين الوقت .
ومنذ عام 1988م حتى عام 2009 م يبدو أنه في نظر هذه القطعان المهووسة في إسرائيل من المتشددين الراغبين برائحة الدم أنه قد حان الوقت لهدم المسجد الأقصى .
يحق لنا أن نتساءل ؟ ونحب أن نتفاءل ! هل زيارة خادم الحرمين الشريفين لدمشق ستعني بداية حقبة عربية جديدة متلمسة الأخطار القادمة ؟ هذه أمنية فحشد الطاقات والجهود كما فعل الفيصل مع السادات وحافظ الأسد قد جنى العرب ثماره في نصر رمضان .
ولننظر في تاريخنا في سياسة شهيد القدس الملك الفيصل بن عبدالعزيز رحمه اهع في 7ذي الحجة 1387هـ حين قال في حريق المسجد الأقصى : ((إخواني : أرجو أن تعذروني إذا ارتج علي فإنني حينما أتذكر حرمنا الشريف ومقدساتنا تنتهك وتستباح وتمثل فيها المفاسد والمعاصي والانحلال الخلقي , فإنني أدعو الله إذا لم يكتب لنا الجهاد الحقيقي لتخليص المقدسات أن لا يبقيني لحظة واحدة على قيد الحياة )) ؛ ويقول مخاطباً الشعب السعودي عام 1985هـ ((.. إذا كان العرب مخلصين وجادين وعازمين حقيقة أن يتخلصوا وطنهم السليب , فليتفضلوا وليثيروها صيحة واحدة , وستكونون أنتم السعوديون أول من يذهب إلى فلسطين . ونحن لسنا ممن يديرون المعارك من وراء المكاتب وأجهزة التلفون .. فإذا حلت ساعة الصفر ودق جرس الحرب فسترونني أنا بنفسي وإخوتي وأبنائي أمامكم ..أقول ذلك عن عقيدة ثابتة , لأنه إذا لم ندافع بدمائنا وكياننا وبكل ما نملك فلن نكون أصحاب شأن , ولن تقوم لنا قائمة ..)) وأضاف (( ونحن حينما نصارح بسياساتنا لا يهمنا أن يزعل الغرب أو الشرق , لأن الغرب والشرق اتفقا على هضم حقوق العرب وسلبهم أراضيهم المقدسة ((.

وقد كانت من سياساته العربية رحمه الله وأسكنه فسيح جناته أن صرح قبيل حرب 1967م بقوله : (( إن أي اعتداء إسرائيلي على أي من البلدان العربية سيعتبر اعتداء على المملكة ))؛ وصرح بقوله (( إنه إذا قامت إسرائيل بأي عمل ضد أي قطر عربي … فستكون المملكة في المقدمة ضد إسرائيل ومع العرب ((
لقد آن الأوان للعودة إلى السياسة الفيصلية في الشئون العربية عامة وفي الشأن الفلسطيني خاصة . وأقول هنا ما قاله نصر بن سيار وهو يستصرخ بالخليفة :
أرى بين الرماد وميض جمر وأحج بأن يكون لها ضرام
فإن النار بالعودين تذكى وأن الحرب مبدؤها الكلام
أقول من التعجب ليت شعري أأيقاظ أمية أم نيام
فإن يك أصبحوا وثووا نيام فقل قوموا فقد حان القيام .
د,.صالح السعدون